دليل دراسة الكتاب المُقدَّس - الربع الرابع 2018 - سِفر أعمال الرسل
دسكرجر PDF - دليل دراسة الكتاب المُقدَّس - الربع الرابع 2018 - سِفر أعمال الرسل
Adult Bible Study Guide
4th Quarter 2018
مقدمة ٢
الخليقة والسُّقوط ٢٩ أيلول (سبتمبر) – تشرين الأول (أكتوبر) ٦
أسباب الخِلاف ٦-١٢ تشرين الأول (أكتوبر) ١٤
«ليكون الجميع واحدًا» ١٣-١٩ تشرين الأول (أكتوبر) ٢١
سر الوَحْدَة ٢٠-٢٦ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٩
إختبار الوحدة في الكنيسة الأولى ٢٧ تشرين الأول (أكتوبر)- ٢تشرين الثاني (نوفمبر) ٣٧
صُوَرٌ للوَحدة ٣-٩ تشرين الثاني (نوفمبر) ٤٥
عندما تنشأ النِّزاعات ١٠-١٦ تشرين الثاني (نوفمبر) ٥٣
الوَحْدَة في الإيمان ١٧-٢٣ تشرين الثاني (نوفمبر) ٦١
الدَّليل الأكثر إقناعًا ٢٤-٣٠ تشرين الثاني (نوفمبر) ٦٨
الوَحْدَة والعلاقات المقطوعة ١-٧ كانون الأول (ديسمبر) ٧٥
الوَحْدَة في العِبادة ٨-١٤ كانون الأول (ديسمبر) ٨٢
نظام الكنيسة والوَحْدَة ١٥-٢١ كانون الأول (ديسمبر) ٩٠
الاسترداد النِّهائي للوَحْدة ٢٢-٢٨ كانون الأول (ديسمبر) ٩٧
Editorial Office: 12501 Old Columbia Pike, Silver Spring, MD 20904
Come visit us at our Website: http://www.absg.adventist.org
Principal Contributor
Denis Fortin
Editor
Clifford R. Goldstein
Associate Editor
Soraya Homayouni
Publication Manager
Lea Alexander Greve
Middle East and North Africa Union
Publishing Coordinator
Michael Eckert
Translation to Arabic
Samaan Ghali
Arabic Layout and Design
Marisa Ferreira
Editorial Assistant
Sharon Thomas-Crews
Pacific Press® Coordinator
Wendy Marcum
Art Director and Illustrator
Lars Justinen
Design
Justinen Creative Group
© ٢٠١٨ المجمع العام للأدفنتست السبتيين ®. جميع الحقوق محفوظة. لا يمكن تعديل أو تغيير أو تبديل أو تحويل أو ترجمة أو إعادة إصدار أو نشر أي جزء من دليل مدرسة السبت لدراسة الكتاب المُقَدّس للكبار دون الحصول على إِذْن خطي مسبق من المجمع العام للأدفنتست السبتيين ®. ومصرحٌ لمكاتب الأقسام الكنسية التابعة للمجمع العام للأدفنتست السبتيين ® العمل على الترتيب لترجمة دليل مدرسة السبت لدراسة الكتاب المُقَدّس للكبار بموجب مبادئ توجيهية محددة. وتبقى ترجمة ونشر هذا الدليل حقاً محفوظاً للمجمع العام. إن مصطلحي "الأدفنتست السبتيون" وشعار الشعلة هما علامتان تجاريتان للمجمع العالم للأدفنتست السبتيين ® ولا يجوز استخدامهما دون الحصول على إذن مسبق من المجمع العام.
إن دليل مدرسة السبت لدراسة الكتاب المُقَدّس هو من إعداد مكتب دليل دراسة الكتاب المُقَدّس للكبار التابع للمجمع العام للأدفنتست السبتيين. والناشر والمشرف العام على إعداد هذا الدليل هو لجنة مدرسة السبت، وهي إحدى اللجان الفرعية المنبثقة عن اللجنة الإدارية للمجمع العام للأدفنتست السبتيين. إن دليل مدرسة السبت لدراسة الكتاب المُقَدّس هو انعكاس لمساهمات اللجنة العالمية للتقييم، ويحظى بموافقة لجنة مدرسة السبت للنشر، وبالتالي فهو لا يعكس بالضرورة وجهة النظر المنفردة للمؤلف (أو المؤلفين).
Sabbath School Personal Ministries
وحدتنا في المسيح
الكنيسة هي عائلة الله على الأرض: خادمين، ودارسين، ومُتعبِّدين معًا. الكنيسة مدعوَّة لإيصال وإعلان أخبار الخلاص السَّارَّة إلى كل الشعوب، وهي ناظرة إلى يسوع كقائِدها وفاديها.
المُعتَقد (المبدأ) رقم ١٢ مِن المُعتقدات الأساسية لكنيسة الأدفنتست السبتيين ينصُّ، جزئِيًا، على: «انَّ الكنيسة هي مجموعة المؤمنين الذين يعترفون بيسوع المسيح سيِّدًا ومُخلِّصًا. ففي تواصُل مع شعب الله في أزمنة العهد القديم، نحن قد دُعينا مِن العالم؛ وسويَّة ننضمُّ للعبادة والألفة (الشَّركة) وتعليم كلمة الله، وللاحتفال بالعَشَاء الرَّبَّاني، ولخدمة كل الجنس البشري، ولنشر البشارة في كل أنحاء العالم» (إيمان الأدفنتست السبتيين، صفحة ٢٢٨).
ولكن ماذا نعني بالكنيسة؟ مَن ينتمي إلى الكنيسة؟ الإجابة عن هذه الأسئلة تعتمد جزئِيًّا على تعريف الكنيسة.
الكنيسة بالتأكيد هي المجموعة المحلِّيَّة مِن المؤمنين بيسوع الذين يُطيعون الرَّب والذين يجتمعون معًا للعبادة والخِدمة. يمكنهم الإجتماع في بيوت أو في تجمُّعات أكبر (رومية ١٦: ١٠، ١١). نعني أيضًا بالكنيسة، البناء الذي يتجمَّع فيه المسيحيون. ولكن هذا ليس التفسير الأفضل للكنيسة. فالكنيسة هي الناس وليس المباني.
في العهد الجديد، اُشير إلى الكنيسة أحيانًا كمجموعة مِن المؤمنين في منطقة جغرافيَّة مُعيَّنة. وهكذا، فعندما خاطب بولس الكنيسة في غلاطية، فقد كان يُشير إلى مجموعات محلِّيَّة مُتعدِّدة في مُدُن وقرى تلك المنطقة (غلاطية ١: ٢؛ انظر أيضًا ١بطرس ١: ١). يُمكِن أن تعني الكنيسة أيضًا مجموعة مِن الناس الذين ينتمون إلى طائفة مُعيَّنة أو يُطلِقون على أنفسهم اسمًا مُعيَّنًا يرمز إلى مُعتقداتهم وتُراثِهم.
ومع ذلك، فَكُل هذه التعاريف تظل ناقصة وغير مُكتَمِلة. فالكنيسة هي شعب الله في كل الأرض. وبالرغم مِن أنَّ للمسيح أتباع أمناء في طوائف مُتعدِّدة (كثيرون منهم سينضمّون إلى بقيَّة الله عند الأحداث الأخيرة (رؤيا يوحنا ١٨: ١-٤)، سنُركِّز في هذا الربع على كنيستنا، كنيسة الأدفنتست السبتيين، وما الذي تعنيه الوحدة في المسيح بالنِّسبة لنا.
المُعتَقَد (المبدأ) رقم ١4 يحمل عنوان «الوحدة في جسد المسيح» وينصُّ على: «انَّ الكنيسة هي جسد واحد ذو أعضاء عديدين مدعوِّين من كل أمَّة وقبيلة ولسان وشعب. ونحن خليقة جديدة في المسيح. ويجب ألا يُسبِّب الشِّقاق بيننا الفروقات في الأجناس والثقافة والتعليم والسُّلالة أو الفروقات بين العُظماء والوضعاء، الأغنياء والفُقراء، الذكور والإناث. فنحن مُتساوون جميعًا في المسيح الذي بروح واحدة جعلنا نتماسَك في رِفقة واحدة معه وبعضنا مع بعض؛ علينا أن نخدم ونُخدَم مِن دون تحيُّز أو تحفُّظ. ونحن مِن خلال إعلان يسوع المسيح في الكتاب المقدَّس نتقاسم الإيمان نفسه والرَّجاء نفسه ونمدُّ يدنا بالشَّهادة الواحدة للجميع. وتنبع هذه الوحدة من وحدة الثالوث الأقدس الذي تبنَّانا كأولاده» (إيمان الأدفنتست، صفحة ٢٩٢).
هدف هذه السلسلة من دروس مدرسة السبت هي أن توفِّر لنا إرشادات من الكتاب المقدس حول موضوع الوحدة المسيحية لنا كأدفنتست سبتيين، إذ نواجه الآن، كما الحال دائِمًا، نواجه تحدِّيات لتلك الوحدة، وستستمر هذه التَّحدِّيات حتى نهاية الزَّمان. مع ذلك، فإننا نجد في الكتاب المقدس العديد مِن الإيحاءات والإرشادات حول كيفية عيش الوحدة في المسيح التي هي هِبَة مِن الله. هذه الإيحاءات وهذه الإرشادات عن كيفية العيش والتعبير عن الوحدة في كنائسنا؛ التي اعطاها الله لنا؛ هي موضع التركيز في هذا الرّبع.
دينِس فورتين هو أستاذ في اللاهوت في كلية اللاهوت التابِعة للأدفنتست السبتيين، جامعة آندروز، في بيرين سبرينج، ميشيجان. منذ انضمامه لهيئة التدريس في كلية اللاهوت سنة ١٩٩٤، خدم فورتين أيضًا كمُشرِف على برنامج الماجستير في العلوم اللاهوتية (١٩٩٩-٢٠٠١)، ومُساعد عميد (٢٠٠٠-٢٠٠٤)، ورئيس قسم اللاهوت والفلسفة المسيحية (٢٠٠٦)، وحتى إلى وقت قريب، عميد (٢٠٠٦-٢٠١٣).
انخراط كافة الأعضاء
حان وقت انخراط كافة الأعضاء
ما هو “انخراط كافة الأعضاء”؟
“انخراط كافة الأعضاء (’ TMI ‘)” هو تّوجُّه كرازي واسع النطاق على مستوى الكنيسة العالمية يشارك فيه كل عضو، كل كنيسة، كل كيان إداري، كل نوع من أنواع الخدمة العامة الإِيْصَالِيّة، وكذلك الخدمات الإِيْصَالِيّة الشخصية والمؤسساتية.
إنها خطة تعتمد على تواريخ محددة وتهدف إلى ربح النفوس المعني وتقف على احتياجات العائلات والأصدقاء والجيران. ثم تشارك كيف يلبّي الله كل حاجة، مما يؤدي إلى زرع كنائس جديدة ونمو الكنيسة ككل، مع التركيز على إبقاء الأعضاء، التبشير، المشاركة والتلمذة.
كيفية تطبيق «انخراط كافة الأعضاء» في مدرسة السَّبت
خصّص أول 15 دقيقة * من كل درس للتخطيط والصلاة والمشاركة:
“انخراط كافة الأعضاء ’ TMI ‘ “ في الوصول لمَن ينتمون للكنيسة: خطط لزيارة الأعضاء المتغيبين أو المتضررين وصلِّ من أجلهم واعتنِ بهم، وقم بتوزيع مهام لكل منطقة. صَلِّ وناقش الطرق التي يمكن من خلالها تلبية احتياجات العائلات الكنسيَّة، الأعضاء غير الفاعلين، الشبيبة، النّساء والرجال، وطرق مختلفة لجعل العائلة الكنسية منخرطة في الخدمة.
«انخراط كافة الأعضاء ’ TMI ‘ « في الوصول لمَن لا ينتمون للكنيسة: صَلِّ وناقش الطرق التي مِن خلالها يمكن الوصول إلى مجتمعك، مدينتك، والعالم، بإتمام مهمة البشارة من خلال الزَّرع، الحصاد، والحفاظ على ما نجمعه. قم بإشراك جميع الخدمات الكنسيّة إذ تخطط لمشاريع ربح النفوس قصيرة المدى وبعيدة المدى. إنَّ مبادرة «انخراط كافة الأعضاء’ TMI ‘ “ أساسها أعمال التّرفّق المكترث. فيما يلي بعض الطرق العملية لتصبح منخرطاً بشكل شخصي: 1. قم بتنمية عادة التعرّف على الاحتياجات في مجتمعك. 2. ضع الخطط لتلبية هذه الاحتياجات. 3. صَلِّ من أجل انسكاب الروح القدس.
“انخراط كافة الأعضاء ’ TMI ‘ “ للتواصل مع الله: دراسة فصل الكتاب. شجِّع الأعضاء على الانخراط في الدراسة الفردية للكِتاب المُقدَّس – اجعل دراسة الكِتاب المُقَدَّس في مدرسة السبت دراسة تشاركية. ادرسوا من أجل التغيّر الإيجابي وليس من أجل الحصول على المعلومات.
انخراط كافة الأعضاء ’ TMI ‘
الوقت
الشّرح
التبشير بالمشاركة
المرسلية العالمية
15 دقيقة.*
صَلّ، خطِّط، نظّم للعمل. اهتم بالأعضاء المتغيبين. ضع جدولاً زمنياً للتواصل. العطاء المرسلي.
درس دليل دراسة الكِتاب المُقَدَّس
45 دقيقة.*
قم بإشراك الجميع في درس الكِتاب المُقَدَّس. اطرح أسئلة. سلّط الضوء على النصوص الرئيسية.
الغداء
خطط للغداء مع أعضاء الصَّف بعد العبادة.
ثم فليخرج كل واحد منكم ويتواصل مع شخص ما.
*يمكن تعديل الوقت حسب الضرورة.
قم بزيارة الموقع الإلكتروني
الخاص بالشرق الأوسط للنشر
للحصول على المزيد من الموارد باللغة العربية
www.middle-east-publishers.com
اشترك في
رسالتنا الإخبارية
المجانية
تزوّد بآخر المعلومات المتعلقة بكل
إصداراتنا الجديدة!
+961 1 690290 | www.middle-east-publishers.com
شارع الفردوس، السبتية، جديدة المتن، بيروت، لبنان ١٢٠٢٢٠٤٠
الدرس الأول ٢٩ أيلول (سبتمبر) - ٥ تشرين الأول (أكتوبر)
الخليقة والسُّقوط
السبت بعد الظهر
المراجع الأسبوعية: تكوين ١: ٢٦، ٢٧؛ ١يوحنا ٤: ٧، ٨، ١٦؛ تكوين ٣: ١٦-١٩؛ تكوين ١١: ١-٩؛ غلاطية ٣: ٢٩؛ تثنية ٧: ٦-١١.
آية الحفظ: «ثُمَّ أَخْرَجَهُ إِلَى خَارِجٍ وَقَالَ: «انْظُرْ إِلَى السَّمَاءِ وَعُدَّ النُّجُومَ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَعُدَّهَا». وَقَالَ لَهُ: «هكَذَا يَكُونُ نَسْلُكَ». فَآمَنَ بِالرَّبِّ فَحَسِبَهُ لَهُ بِرًّا» (تكوين ١٥: ٥، ٦).
تبدأ قصَّة شعب الله بخليقة الجنس البشري وسقوطهم المأساوي في الخطية. إنَّ أي مُحاولة لِفهم طبيعة الوحدة في الكنيسة يجب أن تبدأ بخطَّة الله الأصلية عند الخليقة، ثم الحاجَة إلى الإسترداد بعد السّقوط.
تُظهِر الأصحاحات الأولى من الكتاب المقدَّس أنَّ الله قَصَدَ أن تبقى البشرية عائلة واحدة. ولكن مع الأسف، هذه الوحدة إنفصمت بعد مأساة الخطية. في الخطية وحدها نبتت جذور الشِّقاق والإنقسام، والمزيد من النتائج الكريهة والوخيمة للعصيان. يُمكن أن نرى لمحة من هذا الإنقسام في المواجهة المُباشرة بين آدم وحوَّاء عندما أقبل الله عليهما لأوَّل مرَّة بعد أن أكلا من الشجرة المُحرَّمة (انظر تكوين ٣: ١١). وبالتالي، أصبح إسترداد هذه الوحدة الأصلية هدفًا أساسيًا من بين الأهداف الأخرى التي تحققها خطَّة الخلاص.
إبراهيم، أب شعب الله، صار لاعبًا أساسيًا في خطَّة الله للخلاص. يُصوِّر الكتاب المقدس إبراهيم كمثال عظيم للبر بالإيمان (أنظر رومية ٤: ١-٥)، ذلك الإيمان الذي يُوحِّد شعب الله بعضهم مع بعض ومع الله نفسه. يعمل الله من خلال الناس لإعادة الوحدة وليُعلِن إرادته للجنس البشري الساقِط.
* نرجو التَّعمُّق في موضوع هذا الدرس، استعدادًا لِمُناقَشته يوم السبت القادم الموافق ٦ تشرين الأول (أكتوبر).
الأحد ٣٠ أيلول (سبتمبر)
المحبَّة أساس الوحدة
تُقدِّم قصَّة الخليقة الواردة في الأصحاحين الأول والثاني مِن سفر التكوين، رسالة واضحة عن الإنسجام والتَّناغم في نهاية إسبوع الخليقة. كلمات الله الختامية بأنَّ كل ما عمله كان «حسن جدًّا» (تكوين ١: ٣١) لم تكن تُشير إلى جمال الخليقة فقط، بل تُشير أيضًا إلى غياب أي عامل مِن عوامل الشر والإنقسام عندما أكمل الله خلق هذا العالم والجنس البشري الذي سيسكن الأرض. كان قصد الله الأصلي في الخليقة هو أن يسود الإنسجام في علاقات التَّعايُش والتَّرابُط بين كل أشكال الحياة. كان عالمًا جميلًا خُلِقَ مِن أجل العائلة البشرية. كل شيء كان كاملًا ومُستحق لرضى وإستحسان خالقه. كان هدف الله الأصلي والأسمى للعالم هو الإنسجام والوحدة والحُب.
اقرأ تكوين ١: ٢٦، ٢٧. ماذا تقول لنا هذه الآية عن تميُّز الإنسان مُقارنة مع باقي الخلائق الأرضية، كما ورد في سفر التكوين الأصحاحين الأول والثاني؟
يقول سفر التكوين بأنَّ الله خلق الإنسان على صورته، وذلك شيء لم يرد قوله بخصوص أي شيء آخر في قصَّة الخليقة المذكورة في سفر التكوين. «وقال الله: ‹نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا...› فخلق الله الإنسان على صورته. على صورة الله خلقه. ذكرًا وأنثى خلقهم» (تكوين ١: ٢٦، ٢٧). مع أنَّ اللاهوتيين تجادلوا على مدى قرون حول طبيعة تحديد هذه الصورة بدقَّة، وطبيعة الله ذاته، فإنَّه يوجد الكثير من المقاطع في الكتاب المقدس تُظهِر طبيعة الله بأنَّها المحبَّة.
اقرأ ١يوحنا ٤: ٧، ٨، ١٦. كيف يمكن أن تُساعدنا هذه الآيات لنفهم كيف خُلِقْنا أصلًا وكيف يمكن أن يكون هذا قد أثَّر على الوحدة الأصلية التي سادت عند الخليقة؟
الله محبَّة، ولأنَّ البشر أيضًا في مقدورهم أن يُحبُّوا (وبطرق لا يمكن للمخلوقات الأرضية الأخرى أن تُمارسها)، فكوننا خُلِقنا على صورة الله، يجب أن يشمل ذلك القُدرة على المحبَّة. مع ذلك، فالمحبَّة توجد فقط في علاقة الإنسان بالآخرين. وهكذا، فكل ما خُلِقَ على صورة الله، يجب أن يكون له القدرة على المحبة، والمحبَّة بِعُمق.
الاثنين ١ تشرين الأول (أكتوبر)
عواقِب السقوط
كانت عواقِب السقوط وخيمة. عصيان آدم وحوَّاء بدأ في تمزيق الإنسجام الموجود في التَّعايش والتَّرابط بين كل أشكال الحياة. والأسوأ من ذلك، بدأ الشِّقاق والخلاف والإنقسام بين الجنس البشري الذي ما زال سائدًا حتى يومنا هذا. تظهر حالة عدم الإنسجام مُباشرة في الطريقة التي سعى بها كل من آدم وحوَّاء في إلقاء اللوم بالسقوط على طرف آخر (تكوين ٣: ١٢، ١٣). وانحدرت الأشياء إلى أسوأ منذ ذلك الحين.
اقرأ تكوين ٣: ١٦-١٩؛ وتكوين ٤: ١-١٥. ماذا يوجد في هذه الآيات مما يُظهر نتائج الخطية وتأثيرها على العالم المُتناغم الذي خلقه الله؟
أصبح عصيان آدم مصدرًا لأحداث كثيرة وعواقب وخيمة تركت آثارها بمرور الوقت على كل خليقة الله. بدأ عالم الطبيعة نفسه يُقاسي من عواقِب الخطية. العلاقات الإنسانية أيضًا تأثَّرت. قايين وهابيل كانا أخَوَين، مِن المفروض أن يُحِبَّ ويعتني أحدهما بالآخر، إلا أنَّهما انفصلا وتباعدا لأن أحدهما أراد أن يتبع ميوله الشخصية بدلًا من إتِّباع نظام الله المُحدَّد للعِبادة. هذا التَّباعد والنّفور نتج عنه العنف والموت. إنَّ ردَّ فعل قايين كان موجَّهًا نحو الله أكثر مما كان نحو هابيل. شعر بغضب تجاه الله (تكوين ٤: ٥)، وهذا الغضب قاد إلى غيظ وضغينة تجاه هابيل. العصيان زاد من تمزيق العلاقات الإنسانية.
«ورأى الرَّبُّ أنَّ شرَّ الإنسان قد كثر في الأرض، وأنَّ كل تصوُّر أفكار قلبه إنَّما هو شرير كل يوم» (تكوين ٦: ٥). قاد هذا الشر في نهاية المطاف إلى الطوفان والدَّمار الهائل لخليقة الله الأصلية التي خلَّفها الطوفان. ولكن حتى ذلك الحين، لم يتخل الله عن الجنس البشري، لكنَّه أبقى له بقيَّة، نوح وعائلته، ليبدأوا من جديد.
بعد الطوفان، أعطى الله وعدًا لنوح وعائلته. قوس القزح في السَّماء سيُذكِّرهم دائِمًا بعناية الله ووعوده، سيُذكِّرهم بلطف الله ورحمته (تكوين ٩: ١٢-١٧؛ إشعياء ٥٤: ٧-١٠). أقام الله عهدًا مع نوح، وأعاد خطَّته الأصلية لتكوين عائلة بشرية مُتَّحدة، أمينة ومُخلِصة له ولكلمته.
ما هي طرق التفرقة والإنقسام التي تجلبها الخطيَّة؟ أيَّة قرارات يمكنك إتِّخاذها الآن لتساعدك على إستعادة الإنسجام بين أولئك الذين يمكن لقراراتك أن تكون ذات تأثير قوي عليهم؟
الثلاثاء ٢ تشرين الأول (أكتوبر)
المزيد من التفرقة والإنفصال
اقرأ تكوين ١١: ١-٩. ماذا حدث هنا مما جعل مِن مُشكلة الإنفصال والشقاق أسوء مما كانت عليه؟
الأحداث التالية التي أرَّخها الكتاب المقدَّس بعد الطوفان هي بناء برج بابل، بلبلة اللغات، وثُمَّ تَشتُّت الناس، الذين كانوا إلى ذلك الوقت يتحدَّثون لغة واحدة. ربما كان جمال الأرض بين نهري دجلة والفرات وخصوبة التربة، قد جذبت بعضًا من نسل نوح ليقرروا بناء مدينةٍ لهم وبرجٍ عالٍ في أرض شنعار، في جنوب العراق الآن (تكوين ١١: ٢).
أظهر علم الآثار أنَّ بلاد ما بين النهرين كانت منطقة كثيفة السُّكَّان منذ أقدم العصور التاريخية. من بين هؤلاء السُّكَّان كان السومريون، الذين يعود لهم الفضل في إختراع فن الكتابة على ألواح الطين. لقد بنوا لأنفسهم منازل شُيِّدت بشكل جيّد، وكانوا مهرة في صنع الحُلي (المجوهرات)، والآلات، والأدوات المنزلية. كَشَفَت الحفريات أيضًا عن معابد كثيرة على شبه أشكال أبراج كُرِّست لِعبادة آلهة مُتنوِّعة.
أحفاد نوح الذين استقرُّوا في أرض شنعار سُرعان ما نسوا إله نوح والوعود التي قطعها بأنه لن يُهلك الأرض مرة أخرى بالطوفان. كان بناء برج بابل رمزًا لحكمتهم ومهارتهم. إنَّ شَغَفهم ورغبتهم في الشهرة والصيت، وقولهم: «لنصنع لأنفسنا إسمًا» (تكوين ١١: ٤)، كان أحد أهدافهم لبناء هذا المشروع. «كان على البشر، وفقًا لقصد الله، أن يُحافِظوا على الوحدة مِن خلال رباط الديانة الحقَّة. عندما حطَّمت الوثنية وتعدُّد الآلهة هذا الرِّباط الروحي، أضاع البشر — ليس فقط وحدة الدين، بل أضاعوا أيضًا روح الإخوَّة بينهم. إنَّ مشروعًا مثل بناء البرج، ليُحافظ بوسائل خارجية على الوحدة الداخلية التي ضاعت أصلًا، لا يمكن أن ينجح.»
(The SDA Bible Commentary، المجلد ١، صفحة ٢٨٤-٢٨٥).
إنَّ سقوط آدم وحوَّاء حطَّم وحدة الجنس البشري وخطَّة الله الأصلية. ونتج عنه الفوضى بخصوص العبادة؛ الإنتشار الواسع للشر والفجور حول العالم؛ وفي نهاية المطاف أدَّى السقوط إلى انفصال البشر إلى ثقافات، ولغات، وأعراق كثيرة ومختلفة غالبًا ما كانت على خلاف بعضها مع بعض منذ ذلك الوقت.
أيَّة خطوات عملية يمكننا القيام بها لِمُعالجة التفرقة العنصرية والثقافية واللغوية التي تؤلمنا حتى في الكنيسة؟
الأربعاء ٣ تشرين الأول (أكتوبر)
إبراهيم، أب شعب الله
تنظر الدِّيانات المُوحِّدة الثلاثة، اليهودية والمسيحية والإسلام، تنظر إلى إبراهيم على أنَّه أباهم. بالنسبة للمسيحيين، هذه الشراكة هي علاقة روحية. عندما دُعي إبراهيم ليترك بلاده فيما بين النهرين، قال الله لإبراهيم: «وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض» (تكوين ١٢: ٣؛ أنظر أيضًا تكوين ١٨: ١٨؛ تكوين ٢٢: ١٨). البركة أتت من خلال يسوع.
اقرأ عبرانيين ١١: ٨-١٩؛ رومية ٤: ١-٣؛ غلاطية ٣: ٢٩. ما هي عوامل إيمان إبراهيم التي ذُكِرَت في هذه الآيات، وما صلتها بفكرة الوحدة المسيحية؟ بمعنى، ماذا يُمكن أن نجده في هذه الآيات يمكن أن يُساعدنا اليوم لنفهم ما يجب أن يكون المُكوِّن الحاسم للوحدة المسيحية؟
يُعطينا إبراهيم، كأب لجميع المؤمنين، بعض المباديء الأساسية والمحورية للوحدة المسيحية. أولًا: مارس مبدأ الطاعة. «بالإيمان إبراهيم لما دُعِيَ أطاع أن يخرج إلى المكان الذي كان عتيدًا أن يأخذه ميراثًا، فخرج وهو لا يعلم إلى أين يأتي» (عبرانيين ١١: ٨). ثانيًا: كان لديه رجاء في مواعيد الله. «بالإيمان تغرَّب في أرض الموعد، كأنها غريبة، ساكنًا في خيام مع إسحق ويعقوب الوارثين معه لهذا الموعد عينه. لأنه كان ينتظر المدينة التي لها الأساسات، التي صانعها وبارئها الله» (عبرانيين ١١: ٩، ١٠). ثالثًا: آمن بأنَّ الله سيُعطيه إبنًا، وأنَّه يومًا ما سيكون له نسل بعدد نجوم السَّماء. وعلى أساس هذه الإستجابة، برَّره الله بالإيمان (رومية ٤: ١-٣). رابعًا: وثق في خطَّة الله للخلاص. كان الإختبار الأعظم لإيمان إبراهيم عندما طلب منه الله أن يُقدِّم ابنه إسحق ذبيحة على جبل المُريَّا (تكوين ٢٢: ١-١٩؛ عبرانيين ١١: ١٧-١٩).
يصف العهد القديم إبراهيم بأنَّه خليل الله (٢أخبار الأيام ٢٠: ٧؛ إشعياء ٤١: ٨). حياة الإيمان، طاعته التي لا تتزعزع، وثقته في مواعيد الله، جعلت منه مثالًا لما يجب أن تكون عليه حياتنا المسيحية اليوم.
فكِّر في أعمالك وأقوالك خلال الأيام القليلة المُقبِلة. بأيَّة طرق يمكنك أن تسعى لتجعل كل ما تقوله أو تفعله يعكسان حقيقة إيمانك؟
الخميس ٤ تشرين الأول (أكتوبر)
شعب الله المُختار
في دعوته لإبراهيم ليكون عبده، إختار الله لنفسه شعبًا لِيمثِّله أمام العالم. هذه الدعوة وهذا الإختيار كان عملًا من أعمال محبة الله ونعمته. إنَّ دعوة الله لإسرائيل كان جوهريًا لخطَّته في إسترداد كل البشرية بعد الدَّمار والشقاق الذي حدث بسبب السقوط. والتاريخ المقدس هو دراسة لِعَمَل الله نحو هذا الإسترداد، وكان إسرائيل، شعب العهد مُكوِّن مهم في تلك الخطَّة.
حسب الآيات الواردة في سفر التثنية ٧: ٦-١١، لماذا دعى الله إسرائيل شعبه؟ لماذا إختار نسل إبراهيم ليكونوا شعبه؟
إنَّ محبَّة الله للجنس البشري هي في جوهر إختيار إسرائيل كشعب له. أقام الله عهدًا مع إبراهيم ونسله ليحفظوا معرفة الله من خلال الشعب وليأتي بالخلاص للبشرية (مزمور ٦٧: ٢). مع ذلك، فاختيار الله لإسرائيل كشعب له كان عمل محبة سامية. لم يكن لنسل إبراهيم أي مدعاة للفخر للمُطالبة بمحبة الله التي لا يستحقونها. «ليس من كونكم أكثر من سائر الشعوب إلتصق الرب بكم وإختاركم، لأنكم أقل من سائر الشعوب» (تثنية ٧: ٧).
إنَّه إنعكاس غريب للقيم ذاك الذي يستخدمه الله لاختيار شعبه. بينما ينظر البشر إلى القوَّة، والحكمة، والثقة بالنفس لاختيار القادة؛ إلا أنَّ الله لا يختار أهل القوَّة والبأس ليخدموه، بل الضعفاء والجُّهَّال وأدنياء العالم وغير الموجود حتى لا يفتخر أحد أمامه (١كورنثوس ١: ٢٦-٣١).
ومع ذلك، أنظر إلى الإمتيازات التي كانت لهم: «كان الله يتوق لأن يجعل شعبه إسرائيل تسبيحةً ومجدًا. فقد أعطى لهم كل امتياز روحي. فالله لم يمنع عنهم شيئًا موافِقًا أو مُساعدًا لتكوين الخُلْق الكفيل بأن يجعلهم نوُّابًا عنه.
«إنَّ طاعتهم لشريعة الله كانت عتيدة أن تجعلهم معجزات للنجاح أمام أمم العالم. فذاك الذي يستطيع أن يمنحهم حِكمة ومهارة في كل أعمال الصناعة الحاذقة، كان يُمْكِن أن يظلّ مُعلِّمًا لهم، ويسمو بهم، ويرفعهم عن طريق الطاعة لنواميسه. فلو أطاعوا، كانوا يُحْفَظون مِن الأمراض التي ابتُلِيَت بها الأمم الأخرى، وكانوا يُبَارَكون بالنشاط الفكري. وكان مجد الله، وجلاله، وقدرته، تُعْلَن في كل نجاحِهم. وكانوا يصيرون مملكة كهنة ورؤساء. وقد أمدَّهم الله بكل ما يساعدهم على أن يكونوا أعظم أمَّة على الأرض» (هوايت، كتاب ‹المُعلِّم الأعظم›، صفحة ٢٨٣، ٢٨٤).
ما هي أوجه الشبه بين ما فعله الله لإسرائيل قديمًا والدَّعوة التي دعاهم بها، وما فعله لأجلنا والدَّعوة التي دعانا بها كأدفنتست سبتيين؟ أحضر إجابتك إلى الصف يوم السبت.
الجمعة ٥ تشرين الأول (أكتوبر)
لمزيد من الدرس: (هوايت، كتاب «الآباء والأنبياء»، فصل ‹الخلق›، صفحة ٢٤-٣٢؛ وفصل ‹دعوة إبراهيم›، صفحة ١٠٢-١٠٨).
إنَّ قصد الله الأصلي في خليقة الجنس البشري ينعكس أيضًا في تأسيس العائلة (تكوين ٢: ٢١-٢٤)، والسبت. السبت جُعِلَ لكل البشرية، كما أعلن يسوع بجلاء في إنجيل مرقس ٢: ٢٧، ٢٨. في الحقيقة، طبيعته الكونية ظاهرة في قصَّة الخليقة في سفر التكوين نفسه، عندما أفرز اليوم السابع، ليس فقط قبل دعوة إسرائيل ليكونوا شعب العهد، بل حتى قبل دخول الخطية. أيَّة قوَّة موحّدة كانت يمكن أن تكون للسبت لو حفظه جميع الناس! كان يوم الراحة الذي قصد الله به أن يُذكِّر نسل آدم وحواء برباطهم المُشترك معه ومع واحدهم بالآخر. «السبت والعائلة، كلاهما تأسَّسا في جنَّة عدن، ووفقًا لقصد الله فكلاهما مرتبطان ببعضهما لا ينفكَّان. في هذا اليوم، أكثر من أي يوم آخر، يمكننا أن نحيا حياة جنَّة عدن. كانت خطة الله لأفراد العائلة أن يتشاركوا في العمل والدرس، في العبادة وفي الترفيه، الأب هو قس أهل بيته، وكلًا من الأب والأم كمُعلِّمين ورفيقين لأولادهما» (هوايت، كتاب ‹Child Guidance›، صفحة ٥٣٥).
أسئلة للنقاش
١. كيف يُظْهِر خَلْقْ المرأة مِن جنب آدم، وفقًا لما جاء في قصة الخليقة في سفر التكوين، الرباط القوي والحميم الذي يجب أن يوجد بين الزوج والزوجة؟ ماذا يُخبرنا هذا عن سبب إستخدام الله، عبر كل الكتاب المقدس، تشبيه الزوج والزوجة كمثال لذلك التقارب الذي يسعى إليه الله مع شعبه؟
٢. مع أنَّ قصَّة برج بابل تُخبرنا بأنَّ تنوُّع الأعراق واللغات لم يكن جزءًا من خطَّة الله الأصلية للجنس البشري، كيف يمكننا أن نتجاوز هذه الإنقسامات اليوم؟ كيف يمكن للكنيسة أن تظل مُتَّحدة ومُنسجمة حتى وإن كانت تتألَّف من أشخاص من بلدان وشعوب ولغات مختلفة؟
٣. ما هي بعض أوجه الشبه التي وجدتها بين دعوة إسرائيل قديمًا ودعوتنا نحن كأدفنتست سبتيين اليوم؟ الأهم من ذلك، ما هي الدروس التي يُمكن أن نتعلَّمها منهم والتي يجب أن تُساعدنا لنكون أمناء لدعوتنا الإلهية في المسيح؟
مُلخَّص: خطَّة الله الأصلية عند الخليقة كان القصد منها أن تعيش البشرية في وئام ووحدة كعائلة واحدة. إلا أنَّ عصيان أبوينا الأولين تسبَّب في إعاقة خطَّة الله. مع ذلك، قام الله بدعوة إبراهيم ليؤسس شعبًا يستطيع (الله) مِن خلاله أن يُبقي وعد الإسترداد فاعِلًا بالمسيح يسوع وحده.
الدرس الثاني ٦-١٢ تشرين الأول (أكتوبر)
أسباب الشِّقاق
السبت بعد الظهر
المراجع الأسبوعية: تثنية ٢٨: ١-١٤؛ إرميا ٣: ١٤-١٨؛ قضاة ١٧: ٦؛ ١ملوك ١٢: ١-١٦؛ ١كورنثوس ١: ١٠-١٧؛ أعمال الرسل ٢٠: ٢٥-٣١.
آية الحفظ: «بدء الحِكمة مخافة الرب، ومعرفة القدُّوس فهم» (أمثال ٩: ١٠).
دعا أنبياء العهد القديم شعب إسرائيل تكرارًا لإطاعة وصايا الله. إنَّ العصيان واللامبالاة يؤدِّيان إلى الإرتداد والإنشقاق. الطاعة لناموس الله كان القصد منها أن تكون وسيلة للحفاظ على الشعب من العواقب الطبيعية للخطيَّة ولتطهيرهم في وسط أمم غريبة كثيرة. إنَّ إتِّباع إرادة الله ستخلق إنسجامًا بين الناس وستقوِّي مجتمعهم في عزمهم على مُقاومة الإعتداءات مِن قبل الوثنيين وممارسات العبادة الشريرة التي تُحيط بهم من كل جانب تقريبًا. كان قصد الله لشعبه أن يكون مُقدَّسًا وأن يكونوا شهودًا للأمم مِن حولهم.
كما قال لهم الرَّب بعد أن خلَّص العبرانيين من مصر: «انظر. قد علَّمتكم فرائض وأحكامًا كما أمرني الرَّب إلهي، لكي تعملوا هكذا في الأرض التي أنتم داخلون إليها لكي تمتلكوها. فاحفظوا واعملوا. لأنَّ ذلك حِكمَتكم وفطنتكم أمام أعيُن الشعوب الذين يسمعون كل هذه الفرائض فيقولون: هذا الشعب العظيم إنَّما هو شعب حكيم وفطن» (تثنية ٤: ٥، ٦).
لا شكَّ: إن هُم ظلَّوا أمناء، يُكَثِّر الرب بركاته عليهم ويكونون بركة للآخرين. أما عدم الأمانة والِعصيان فسوف يقودان إلى الكثير من المشاكل، والإنشقاق هو واحد مِن تلك المشاكل.
* نرجو التَّعمُّق في موضوع هذا الدرس، استعدادًا لِمُناقَشته يوم السبت القادم الموافق ١٣ تشرين الأول (أكتوبر).
الأحد ٧ تشرين الأول (أكتوبر)
«إرجعوا، أيُّها البنون العُصاة»
إنَّ تاريخ شعب إسرائيل مليء بقصص العِصيان والفوضى، يتبعها عودة إلى الله والطاعة؛ ثم عودة أخرى إلى المزيد من العصيان والصراعات. يتكرَّر هذا النَّمط مرة بعد مرَّة. في كل مرَّة يتبع فيها الشعب إرادة الله عن وعي وإدراك، كان الله يُباركهم بالسلام والحياة. وفي كل مرة يعصونه فيها ويتبعوا طرقهم الخاصَّة، تُصبح حياتهم بائسة وتعيسة، مليئة بالحروب والصراعات. حتى قبل دخول شعب إسرائيل إلى أرض الموعد، أنبأ الله عن هذا النَّمط، وقدَّم لهم الحل لِتجنُّب مثل هذه العواقب الوخيمة لإسلوب حياتهم ووجودهم.
اقرأ تثنية ٢٨: ١-١٤. ما هي البركات التي كانت ستأتي إلى إسرائيل لو كان الشعب مطيعًا لإرادة الله؟
اقرأ إرميا ٣: ١٤-١٨. ما الذي نتعلَّمه من دعوة الله لإسرائيل ليتوبوا ويرجعوا إليه؟ ما الذي تقوله لنا عن محبَّة الله وطول أناته نحو شعبه؟
الشيء المُدهِش في سفر إرميا هو كيف يظهر الله، الإله المُحِب، والرَّحيم، والكريم نحو شعبه بالرَّغم من تمرُّدهم، وانقاساماتهم، ووثنيَّتهم. إنَّ الله يدعو شعبه باستمرار ليرجعوا إليه ويتوبوا عن أعمالهم. مرَّة تلو المرَّة يعدهم الله بالإسترداد والرَّجاء لمستقبلهم.
«إرجعي أيَّتُها العاصية إسرائيل، يقول الرب. لا اُوقِعُ غضبي بكم، لأني رؤوف، يقول الرب. لا أحقد إلى الأبد. إعرفي فقط إثمك، إنك إلى الرب إلهك أذنبتِ، وفرَّقت طرقك للغرباء تحت كل شجرة خضراء، ولصوتي لم تسمعوا يقول الرب» (إرميا ٣: ١٢، ١٣).
إنَّ كلمات إرميا جاءت في وقتٍ اُهمِلَت فيه كلمة الله. وعلى الرغم مِن أنَّ بعض الإصلاحات قد بَدأت في عصر الملك يوشيَّا، إلا أنَّ أغلب الشعب لم يشعر بدافع روحي يحثُّهم على الإستمرار في الطاعة المُخلِصة لله. إنَّ خطاياهم، ووثنيتهم، وأنانيتهم، كانت تُسبِّب لهم خرابًا روحيًا واجتماعيًا. كلما إزداد تراجُعهم عن عمل إرادة الله، كلَّما صار مُستقبلهم أكثر رُعبًا. ومع ذلك، ناشدهم الله من خلال النبي إرميا. أراد الله أن يكون لهم مُستقبلًا أفضل، وتاق أن يُعيدهم إلى الإزدهار والوحدة والصحّة. ولكن هذا يأتي فقط إذا عاشوا بالإيمان وبكل ما يتطلَّبه الإيمان الحقيقي.
الفرق بين الطاعة والعصيان، ما أهميته، وما الذي يعنيه بالنسبة لك شخصيًا؟
الاثنين ٨ تشرين الأول (أكتوبر)
ما يحسن في عينيه
تُظهر قصصًا من سفر القُضاة عواقِب سلبية عديدة على إسرائيل عندما لم يتبعوا إرادة الله. بعد دخول إسرائيل إلى أرض كنعان، سرعان ما بدأ الشعب في تغيير نمط حياتهم الروحية، حسب الديانات الخاطئة للكنعانيين المُحيطين بهم، تمامًا على عكس ما قيل لهم أن لا يفعلوه! للأسف، لم تكن تلك هي المشكلة الوحيدة التي كانوا يواجهونها.
اقرأ قُضاة ١٧: ٦ وقَضاة ٢١: ٢٥. ما الذي تقوله هذه الآيات وتُعلِّمنا إيَّاه عن المزيد من المشاكل التي ظهرت بين شعب الله؟
هناك الكثير مِن أسباب ودواعي الإنقسام والإنشقاق بين شعب الله. إنَّ وحدة الأمة كانت توجد في طاعتهم وولائهم لرب العهد، العهد الذي دخلوا فيه مع الله. لكنَّ إقدامهم على عمل ما يحسن في أعينهم — خاصة لكونهم يتعرَّضون لتأثير الأمم والشعوب المُحيطة بهم — فإنَّهم كانوا على الطريق المؤكَّد نحو الكارثة. جميعنا بشر ساقطين، وإذا تُركنا لِطُرُقِنا الخاصة، إذا تُرِكنا لِنَتْبع أهواء قلوبنا، فإننا بكل تأكيد سَنَظِلُّ عن الطريق الذي يدعونا الله أن نسلك فيه.
ما الذي تقوله لنا الفقرات التالية حول الظروف الروحية والإجتماعية لشعب إسرائيل أثناء حُكم القضاة؟
قضاة ٢: ١١-١٣
قضاة ٣: ٥-٧
«لقد كشف الرب لشعبه بواسطة نبيِّه موسى عن نتائج الخيانة وعواقبها الوخيمة. فإذ يرفضون حِفظ عهده، فسيفصلون أنفسهم من حياة الله، ولن تحل عليهم بركات الرب. كانوا يلتفتون أحيانًا إلى هذه الإنذارات، ونتيجة لذلك، كانت تُمْنَحُ للأمة بركات غنية وكانت بواسطتهم تفيض على الشعوب المحيطة بهم. ولكنهم كانوا ينسون الله في غالب الأحيان في تاريخهم الطويل ويغيب عن أنظارهم امتيازهم السامي كممثلين له ونوَّاب عنه. فقد سلبوه الخدمة التي طلبها منهم، كما سلبوا بني جنسهم ميزة القيادة الدينية والمثال المقدَّس. كانوا يتوقون لامتلاك ثمار الكرم الذي جُعِلوا وكلاء له. إنَّ جشعهم وطمعهم جعلهم مُحْتَقَرين حتى في أعين الوثنيين. وهكذا، اُعْطِيَت للعالم الوثني ذريعة لإساءة تفسير صفات الله وشرائع ملكوته» (هوايت، كتاب ‹الأنبياء والملوك›، صفحة ١٦، ١٧).
كيف تؤثِّر أعمالنا نحن ككنيسة على مَن هم حولنا؟ ما الذي يرونه في السبتيين المجيئيين ممَّا يؤثِّر فيهم بشكل إيجابي؟
الثلاثاء ٩ تشرين الأول (أكتوبر)
الإنقسام في الأمَّة العبرية
إنَّ طريق الإرتداد، وعواقبه الوخيمة، لم تحدث بين ليلةٍ وضُحاها. لكنَّ الإختيارات الخاطئة والقرارات التي تراكَمَت عبر قرون طويلة أدَّت أخيرًا إلى عواقب رهيبة على شعب الله.
اقرأ قصةّ الملك رحبعام في ١ملوك ١٢: ١-١٦. ما هو سبب هذا الإنقسام الرَّهيب بين شعب الله؟
«لو فهم رحبعام ومشيروه غير المُحنَّكين إرادة الله نحو الشعب، لأصغوا إلى طلبهم في إجراء إصلاحات حاسمة في إدارة دفَّة الحكم. لكنَّهم لم يُحسنوا إستغلال الفرصة التي سُنِحَت لهم عند إجتماعهم في شكيم في تقصِّي الأمر من السبب إلى النتيجة. وبذلك، أضعفوا نفوذهم إلى الأبد على عدد غفير من الشعب. فتصميمهم الذي أعلنوا عنه في إبقائهم على الظلم الذي تفشَّى في إبان مُلك سليمان، وأنهم سيزيدون عليه، هو على نقيض خطَّة الله لأجل شعبه، مما أعطاهم مجالًا واسعًا للشك في خلوص نيَّتهم. كشف الملك ومستشاروه الأصفياء عن كبرياء المركز والسِّيادة في هذه المُحاولة الطائشة عديمة الشعور لاستخدام القوَّة» (هوايت، كتاب ‹الأنبياء والملوك›، صفحة ٧٥، ٧٦).
ما الذي تقوله الآيات التالية عن الحاجة إلى الحكمة في صُنْع القرارات الصائبة؟ أين يوجد مصدر الحكمة الحقيقية؟
أمثال ٤: ١-٩
أمثال ٩: ١٠
يعقوب ١: ٥
إنَّ قصَّة رحبعام وقراره المُتسرِّع والأحمق في فرض أعمال أقسى على شعبه، كان حدثًا مؤسِفًا في حياة مملكة إسرائيل. لقد سَعَى الملك لإستشارة مجموعتين من المستشارين، لكنَّ قراره النِّهائي في اتِّباع مشورة مجموعة الشبَّاب — الأقل خبرة والذين كانوا في مثل عُمره، جلب كارثة على المملكة التي بناها أبوه سليمان وجدُّه داود خلال الثمانين سنة السابقة. إنَّ المشورة التي قالت بأنَّ على الملك أن يُخيف وَيُهَدِّد الشعب مِن خلال إعلانه بأنَّه أقسى مِن والده، كانت مشورة حمقاء. إعتقد المستشارون الشباب بأنَّ التَّعاطُف مع مَطالِب الشعب والتَّخفيف مِن قسوة العمل المفروض عليهم لم يكن هو نَّمط القيادة الذي يجب على الملك أن يتبنَّاه؛ بل على الملك أن يُظهر القسوة، والعنف، والجبروت بدلًا من ذلك. في نهاية الأمر، أظهر الملك نفسه عدم استحقاقه لولاء الشعب وأمانته. وهكذا، حدث إنقسام بين شعب الله، ما كان يجب أن يحدث، ولم يكن ذلك خُطَّة الله لشعبه.
الأربعاء ١٠ تشرين الأول (أكتوبر)
إنقسام في كورنثوس
مع الأسف، قضيَّة الإنشقاق وسط شعب الله لم تنتَهِ حتى في عصور العهد الجديد.
مثال ذلك، في الأصحاحات الأربعة الأولى من الرسالة الأولى إلى أهل كورنثوس، يُناشِد الرسول بولس ويُطالِب أهل كورنثوس مِن أجل الوحدة. بينما كان بولس في أفسس، سَمِعَ عن إنقسامات عديدة ظَهَرَت في كنيسة كورنثوس. ولهذا، فهو يبدأ رسالته بخطاب مُطوَّل عن وحدة الكنيسة وضرورة تجنُّب الإنفصال والشِّقاق. شعر بولس بالقلق حيال هذه التطوُّرات، وسَعَى لتقديم مشورة إلهية لإصلاح وعلاج هذه الحالة المؤسِفة.
وفقًا لـ ١كورنثوس ١: ١٠-١٧، ما الذي يبدو بأنَّه كان سبب عدم الوحدة، والإنقسامات والخصومات؟
أصبح بولس قلقًا مِن أجل إخوته وأخواته في كورنثوس عندما أخبره واحد من أهل خلوي عن الإنقسامات والخصومات فيما بينهم. وتُظهِر كلماته الإفتتاحيَّة عُمْقَ قلقه: «ولكنني أطلب إليكم أيُّها الإخوة، باسم ربِّنا يسوع المسيح، أن تقولوا جميعُكم قولًا واحِدًا، ولا يكون بينكم إنشقاقات». والحل الذي قدَّمه في رسالته هو أن يُذكِّرهم بأنَّهم كمسيحيين، يجب أن يكونوا مُتَّحدين معًا «كاملين في فِكْرٍ واحد ورأيٍ واحد» (١كورنثوس ١: ١٠). وأيًّا كانت أسباب هذه الخصومات وهذا الإنقسام، أراد بولس أن يوقفها.
ذكَّر بولس أهل كورنثوس بأنَّ المسيحيين مدعوُّوين لإتِّباع المسيح، ليس إنسانًا بشريًا — مهما كانت مواهبه أو قدراته أو شهرته. فبينما بدا وكأنَّهم قسَّموا أنفسهم إلى «أحزاب»، فإنَّ بولس صرَّح بما لا لَبْسَ فيه بأنَّ هذه الإنقسامات ليست حسب إرادة الله. وأوضح بأنَّ الوحدة المسيحية ترتكز على المسيح وتضحيته على الصليب (١كورنثوس ١: ١٣).
الوحدة المسيحية تجد مصدرها ونبعها في الحق الموجود في يسوع المسيح وإيَّاه مصلوبًا، وليس في أي شخص آخر، مهما كان مُستحقًا أو مُؤهَّلًا — سواء كان مُعلِّمًا أو واعظًا أو قائدًا أو رئيسًا. تحت الصليب نتساوى جميعنا عند مستوى واحد. معموديتنا هي في المسيح، الذي هو وحده يستطيع أن يُطهِّرنا مِن الخطيَّة. ومع ذلك، علينا أن نعمل في إتِّجاه هذه الوحدة في المسيح بطرق عملية.
إنَّ ما يجب أن يقوله لنا هذا كأدفنتست سبتيين، هو أننا لا نستطيع أن نأخذ وحدة إيماننا ومرسليتنا كأمور مُسلَّمٍ بها. فالإنقسامات والخصومات يمكنها أن تُقوِّض وحدة كنيستنا اليوم ما لم نتوحَّد بالمسيح من خلال محبته وسلطانه.
كيف يمكننا أن نتعلَّم تجنُّب مثل تلك المخاطر التي كان بولس يتعامل معها هنا؟ لماذا علينا أن نكون حذرين دائِمًا بالنسبة للولاء الذي نمنحه لأي شخص غير المسيح؟
الخميس ١١ تشرين الأول (أكتوبر)
«سيدخل بينكم ذئاب»
اقرأ أعمال الرسل ٢٠: ٢٥-٣١. مِن ماذا حذَّر بولس الشيوخَ في أفسس؟ ما الذي كان عليهم أن يفعلوه لِمَنْع حدوث ذلك؟
لطالما واجه بولس مُعارضة خلال خدمته، وكان يُدرك أنَّه سيكون مِن الصعب الحفاظ على طهارة إنجيل يسوع المسيح. في خطابه الوداعي للشيوخ في أفسس، لَفَتَ الإنتباه مِن مُناظرة أو مُشابهة الحارس (الرَّقيب) الوارِدة في حزقيال ٣٣: ١-٦ ليقول لزملائه القادة بأنَّهم مسؤولون أيضًا عن حماية الإنجيل. عليهم أن يكونوا رُعاة أمناء لِرَعيَّتهم.
إنَّ استِخدام بولس لعبارة «ذئاب خاطفة» هو مُذكِّر لتشبيه مماثل استخدمه يسوع مُحذِّرًا فيه مِن المُعلِّمين الكذبة الذين يأتون مُتنكِّرين «بثِياب الحملان» (إنجيل متى ٧: ١٥). وسرعان ما ظَهَرَ المُعلِّمون الكَذَبة بعدما أطلق بولس هذا التحذير، وهاجموا المؤمنين في كنائس آسيا التي كان قد أسسَّها هو. نرى في الرسالة إلى أهل أفسس ٥: ٦-١٤ وفي الرسالة إلى أهل كولوسي ٢: ٨ بعض تحذيرات بولس لكنائس آسيا الصغرى.
في رسالته الثانية إلى تيموثاوس، حذَّر بولس تيموثاوس أيضًا، الذي كان مسؤولًا عن الكنيسة في أفسس، حذَّره مِن أخطاء في الكنيسة وإنكار الله في الأيام الأخيرة.
إقرأ ٢تيموثاوس ٢: ١٤-١٩ و٢تيموثاوس ٣: ١٢-١٧. ما الذي يقوله بولس لتيموثاوس عن الكيفيَّة التي يُواجِه بها المُعلِّمين الكذبة وكيفيَّة المُحافظة على الوحدة في الكنيسة؟
أولًا، على تيموثاوس أن يعرف الإنجيل، «مفصلًا كلمة الحق بالإستقامة» (٢تيموثاوس ٢: ١٥). إنَّ التِّرياق ضد هذه المُنازعات والمضاربات الباطِلة والعقيمة هو الفهم والتعليم الصحيح للكلمة التي أعطاها الله. إنَّ حقائق الكتاب المقدَّس يجب أن يتم تفسيرها بشكل صحيح حتى لا يُحسب جزء من الأسفار المقدَّسة مُعارضًا لِمُجمَل الصورة التي يُقدِّمها الكتاب المقدَّس بالكامل، ولتمنع أيضًا سوء التفسيرات التي قد تتسبَّب في أن يفقد شخص إيمانه في المسيح يسوع. المواضيع الثانوية وغير المُطابقة يجب أن تخضع لمباديء كلمة الله، وهذا سَيُعِد المؤمنين ليحييوا حياة الغَلَبَة والنُّصرة في المسيح. التوصية الثانية التي قدَّمها بولس إلى تيموثاوس نفسه هي تجنُّب «الأقوال الباطلة الدَّنسة» (٢تيموثاوس ٢: ١٦). المواضيع التافهة والمُتضارِبة يجب أن لا تكون جزءًا مِن خِدمة تيموثاوس التعليمية، إذا كان له أن يُعتَبَرَ خادِمًا أمينًا ومُستَحِقًّا. فهذه الأنواع مِن المُحادَثات والمُناقشات تقود «إلى أكثر فجور» (٢تيموثاوس ٢: ١٦) ولا تسمو أو ترتقي بإيمان المؤمنين. الحق وحده يقود إلى التَّقوى والإنسجام بين المؤمنين. إنَّ السبب الذي مِن أجله كان على تيموثاوس أن يتجنَّب ويُعلِّم شعبه أيضًا أن يتجنَّبوا أخطاءًا مُماثِلة هو أنَّ تلك الأخطاء تنتشر في الكنيسة انتشار الوباء (٢تيموثاوس ٢: ١٧). في النِّهاية، فإنَّ إطاعة كلمة الله هي التِّرياق ضد التعاليم الكاذبة (٢تيموثاوس ٣: ١٤-١٧) التي يُمكِن أن تُهدِّد وحدة الكنيسة.
كيف يمكننا، ككنيسة، أن نحمي أنفسنا مِن أنواعٍ مُشابهِة مِن البشر الذين، مِن خلال التعاليم الكاذِبة، يمكنهم أن يجلبوا الشِّقاقات والإنقاسامات بيننا؟
الجمعة ١٢ تشرين الأول (أكتوبر)
لمزيد من الدرس: إلن هوايت، فصل ‹انقسام المملكة›، صفحة ٧٣-٨٢، من كتاب ‹الأنبياء والملوك›؛ فصل ‹رسالة إنذار وإستعطاف›، صفحة ٢٥٥-٢٦٣، من كتاب ‹أعمال الرسل›.
«يرغب الله مِن عبيده المُختارين أن يتعلَّموا كيف يتَّحِدوا في جهدٍ مُتجانِس ومُتناغِم. قد يبدو للبعض بأنَّ التفاوت بين قُدراتِهم مُقارنة مع قُدرات زُملائهم في الخدمة كبير جدًّا لا يسمح لهم بوحدة العمل المُتناسِق؛ ولكن عندما يتذكَّرون بأنَّ هناك عُقول مُتنوِّعة يجب الوصول إليها، وأنَّ البعض سيرفضون الحق إذا قُدِّم لهم بواسطة أحّد الخُدَّام إلا إذا قُدِّم بطريقة مُختَلِفة من قِبَل خادِم آخر، فمِن المُؤمَّل أن يُحاولوا العمل معًا في وحدة. مهما تنوَّعت قُدراتهم (مواهبهم)، ليتها تكون جميعها تحت قيادة الروح نفسه. في كل كلمة وكل عَمَل، ستظهر المحبة واللطف؛ وإذ يملأ كل خادِم مكانه المُعيَّن بأمانة وإخلاص، فإنَّ صلاة المسيح مِن أجل وحدة أتباعه ستُستَجاب، وسيعرف العالم بأنَّ هؤلاء هم تلاميذه» (هوايت، كتاب ,Gospel Workers، صفحة ٤٨٣).
أسئلة للنقاش
١. إنَّ مسألة العمل بما ‹يحسن في عينيّ› الشخص ليست شيئًا جديدًا. إنَّ عصر ما بعد الحداثة، الذي يتحدَّى فكْر أيَّة سُلطة مركزية أو شمولية أو ثقافية أو أخلاقية، يُمكِن أن يُمهِّد الطريق أمام نوع مِن الفوضى الأخلاقية التي يُحذِّر منها الكتاب المقدس. كيف يمكننا نحن كمسيحيين، وككنيسة ككُل، أن نُجابه مثل هذا النوع مِن التَّحدِّي؟
٢. تأمَّل في قصَّة الملك رحبعام وانقسام إسرائيل (١ملوك ١٢). ما هي الدروس التي نأخذها مِن هذه القصة في يومنا هذا؟
٣. ما الذي يمكن لِقادة الكنيسة وأعضائها أن يعملوه للمُساعدة في منع الصِّراعات في الكنيسة المحليَّة؟ ما أهمية إيقاف هذه الأمور قبل نموِّها وتفاقُمها؟ كيف يمكننا كأعضاء كنيسة أن نكون حذرين لئلا نسقط في الفخ الذي سقط فيه البعض في كورنثوس؟
٤. تَدَارَس فحوى المقطع عن الشقاق في أمثال ٦: ١٦-١٩. ما الذي تتعلَّمه مِن هذا لتتجنَّب الشِّقاق في كنيستك المحليَّة؟
مُلخَّص: نجد في الكتاب المقدّس حالات أدَّت إلى الإنشقاق. عندما عاش شعب الله في طاعة مُخلِصة، تضاءَلَت مخاطر الإنشقاق كثيرًا. إنَّ قرارات سيئة مِن عصر حُكم القضاة كما في عصر حُكم رحبعام فتحت الباب أمام الإنقسام. حتى في عصر العهد الجديد، ظلَّ احتمال الإنشقاق باقيًا. إنَّ الفهم الصحيح لكلمة الله والمجهودات المُكرَّسة لإطاعتها هي الحماية الأفضل مِن الشِّقاق والإنفصال فيما بيننا.
الدرس الثالث ١٣-١٩ تشرين الأول (أكتوبر)
«ليكون الجميع واحدًا»
السبت بعد الظهر
المراجع الأسبوعية: إنجيل يوحنا ١٧: ١-٢٦؛ ١يوحنا ٥: ١٩؛ إنجيل يوحنا ١٣: ١٨-٣٠؛ إنجيل يوحنا ٥: ٢٠-٢٣؛ إنجيل مرقس ٩: ٣٨-٤١؛ رؤيا يوحنا ١٨: ٤؛ ١يوحنا ٢: ٣-٦.
آية الحفظ: «ولستُ أسأل من أجل هؤلاء فقط، بل أيضًا من أجل الذين يؤمنون بي بكلامهم، ليكون الجميع واحدًا كما أنك أنت أيها الآب فيَّ وأنا فيك، ليكونوا هم أيضًا واحدًا فينا، ليؤمن العالم أنَّك أرسلتني» (إنجيل يوحنا ١٧: ٢٠، ٢١).
يعطينا إنجيل يوحنا نافذة نطلُّ مِن خلالها على ما كان يشغل بال يسوع في الوقت الذي كان مشهد تسليمه وموته يلوحان في الأفق. تعطينا الإصحاحات الخمسة الحاسمة (إنجيل يوحنا ١٣-١٧) آخر كلمات يسوع التعليمية والإرشادية، لتبلغ ذروتها بصلاته التي تُدعى أحيانًا بـ «صلاة المسيح الكهنوتية» (إنجيل يوحنا ١٧).
«إنَّها تسمية مُناسبة، لأنَّ الرَّب في هذه الصلاة يُكرِّس نفسه للذبيحة التي يكون فيها، في الوقت ذاته، الكاهن والضحيَّة (الذَّبيحة). وفي نفس الوقت هي صلاة تكريس بالنِّيابة عن أولئك الذين مِن أجلهم تُقدَّم الذبيحة — تلاميذه الذين كانوا موجودين في العُلِّيَّة وأولئك الذين سيأتون إلى الإيمان مِن خلال كِرازتهم» (ف. ف. بروس،
The Gospel of John، صفحة ٣٢٨).
في قلب وجوهر هذه الصلاة إهتمام يسوع بوحدة تلاميذه وأولئك الذين سيؤمنون به لاحقًا. كان هذا هو الموضوع الأساس في صلاته: «مِن أجلهم أنا أسأل. لستُ أسأل مِن أجل العالم، بل مِن أجل الذين أعطيتني لأنهم لك. وكل ما هو لي فهو لك، وما هو لك فهو لي، وأنا مُمَجَّد فيهم» (إنجيل يوحنا ١٧: ٩، ١٠).
لا يُمكِن لأي نِقاشٍ ذي معنى بشأن وحدة الكنيسة، ووحدتنا في المسيح، لا يمكن أن يكتمل بدون الإنتباه الدقيق لهذه الصلاة. مِن أجل ماذا صلَّى يسوع، لأجل مَن صلَّى، وماذا تعني صلاته بالنسبة لنا اليوم؟
* نرجو التَّعمُّق في موضوع هذا الدرس، استعدادًا لِمُناقَشته يوم السبت القادم الموافق ٢٠ تشرين الأول (أكتوبر).
الأحد ١٤ تشرين الأول (أكتوبر)
يسوع يُصلِّي مِن أجل نفسه
تنقسم صلاة يسوع الكهنوتية إلى ثلاثة أجزاء. أوَّلًا، يسوع يُصلِّي مِن أجل نفسه (إنجيل يوحنا ١٧: ١-٥)، ثُمَّ مِن أجل تلاميذه (إنجيل يوحنا ١٧: ٦-١٩)، وأخيرًا مِن أجل الذين سيؤمنون به لاحقًا (إنجيل يوحنا ١٧: ٢٠-٢٦).
اقرأ إنجيل يوحنا ١٧: ١-٥. ما هو جوهر صلاة يسوع، وما الذي تعنيه بالنسبة لنا؟
يسوع يتشفَّع أولًا مِن أجل نفسه. أشار يسوع ضمن أحداث سابقة في إنجيل يوحنا، إلى أنَّ ساعته لم تأتِ بعد (إنجيل يوحنا ٢: ٤؛ إنجيل يوحنا ٧: ٣٠؛ إنجيل يوحنا ٨: ٢٠). أما الآن فهو يعلم بأنَّ ساعة تضحيته قد أَتَت. إنَّ لحظة الختام الدراماتيكية لحياته على الأرض قد أتت، وهو بحاجة إلى قوَّة لِيُكمل رسالته. إنَّه وقت صلاة.
يسوع سيُمجِّد أباه بِعَمَلِ إرادته، حتى وإن عَنَى ذلك بأنَّ عليه أن يحتمل الصليب. إنَّ قبوله للصليب لم يكن نوعًا مِن القَدَرْ؛ بل هو في الواقع طريقته في ممارسة السُّلطة التي أعطاها الله له. لم يَمُتْ مِيتَةَ شَهَيد، لكنه بإرادته مجَّد أباه مِن خلال تحقيق وإتمام الهدف مِن تَجَسُّدِهِ: موته الكفَّاري على الصليب مِن أجل خطايا العالم.
ما هي الحياة الأبدية بحسب إنجيل يوحنا ١٧: ٣؟ ما معنى أن نعرف الله؟
أولًا وقبل كل شيء، يقول لنا المسيح بأنَّ الحياة الأبدية أساسها معرفتنا الشخصية بالله. هذا ليس خلاصًا بالأعمال أو بالمعرفة، بل بالأحرى هو إختبار معرفة الرب بسبب ما فعله يسوع مِن أجلنا على الصليب. هذه المعرفة تتحقَّق من خلال علاقة شخصية مع الآب. إنَّ نزعتنا البَشَرية تميل إلى حَد وقَصْر المَعْرِفة على حقائق وتفاصيل، لكنَّ هنا، يهدف يسوع إلى شيءٍ أعمق وأكثر إرضاءً: علاقة شخصية مع الله. إنَّ مجيء يسوع الأول كان يَهدِفُ أيضًا إلى إرشاد البشرية في سَعْيِها إلى معرفةٍ خلاصية وأكثر عُمقًا عن الله وإلى الوحدة مع بعضهم البعض التي تؤدِّي إليها معرفة كهذه.
ما هو الفرق بين أن نعرف عن الله وبين أن نعرف الله شخصيًا؟ ما هي الإختبارات التي مَرَرْتَ أنتَ بها والتي ساعدتك في أن تَعْرِف الله؟
الاثنين ١٥ تشرين الأول (أكتوبر)
يسوع يُصلِّي مِن أجل تلاميذه
إقرأ إنجيل يوحنا ١٧: ٩-١٩. عن ماذا يُصلِّي المسيح بصفة خاصة فيما يخص تلاميذه؟
بعد ذلك، صلَّى يسوع مِن أجل تلاميذه، الذين هُم في خَطَرٍ مُهْلِك لفُقدان إيمانهم به في الأيام المُقبِلة، عندما لن يتواجَدَ يسوع معهم في الجسد فيما بعد. لهذا، أودَعَهُم تحت رعاية أبيه.
إنَّ صلاة يسوع هي مِن أجل حِمَايَتِهم في العالم. كما أنَّه لا يُصلِّي مِن أجل العالم، لأنَّه يَعْلَم أنَّ العالم في جوهَرِه مُعادٍ لإرادة الآب (١يوحنا ٥: ١٩). ولكن لأنَّ العالم هو المكان الذي سيؤدِّي فيه التلاميذ خِدْمَتَهم، يُصلِّي يسوع مِن أجل أن يُحفَظّوا مِن الشَّر في العالم. يسوع يهتم بالعالم؛ بالتأكيد، فهو مُخَلِّص العالم. لكنَّ انتشار الإنجيل مُرتّبِط بشهادة أولئك الذين سيذهبون ليكرزوا بالأخبار السارَّة. لهذا السبب كان يسوع بحاجة لأن يتشفَّع مِن أجلِهم حتى لا يَهْزمهم الشِّرير (إنجيل متى ٦: ١٣).
مع ذلك، واحد من التلاميذ هُزِم. في وقتٍ سابِقٍ من ذلك المَساء، ذَكَرَ يسوع بأنَّ واحدًا مِنهُم سيُسلِّمه (إنجيل يوحنا ١٣: ١٨-٣٠). بالرَّغم مِن إشارة يسوع إلى حقيقة أنَّ الأسفار المُقدَّسة قد أنبأت عن خيانة يهوذا (مزمور ٤١: ٩)، لَمْ يكُن يهوذا ضَحِيَّة القَدَر. أثناء العشاء الأخير، توسَّل يسوع يهوذا في إيماءَة محبَّة وصداقة (إنجيل يوحنا ١٣: ٢٦-٣٠). «وعند عشاء الفصح، أعلن يسوع ألوهيَّته بكشفه لنوايا الخائن. أنَّه بكل رقَّة شمل يهوذا في خدمته التي قام بها لأجل التلاميذ. ولكنه لم يكترث لآخر توسُّلات المحبَّة» (هوايت، كتاب ‹مشتهى الأجيال›، صفحة ٦٨١).
وإذا عَلِمَ يسوع بأنَّ الحسد والغيرة كان يُمكِن أن يتسبَّبا في إنقسام التلاميذ، كما حدث في مُناسبة سابِقة، صلَّى يسوع مِن أجل وحدتهم. «احفظهم في اسمك الذين أعطيتني، ليكونوا واحدًا كما نحن» (إنجيل يوحنا ١٧: ١١). مثل هذه الوحدة هي أبْعَدْ مِن إنجازات البشر. يُمكن أن تكون نتيجة وعطيَّة النِّعمة الإلهية فقط. إنَّ وحدتهم مؤسَّسة في وحدة الآب والابن، وهذه الوحدة هي شرط أساسي لا غنى عنه لخدمة فاعِلة في المُستقبل.
إنَّ تقديسهم أو تكريسهم في الحق هو أيضًا لا غنى عنه للخدمة. عمل نعمة الله في قلوب التلاميذ سيُغيِّرهم. ولكن، إذا كانوا سيشهدون لحقِّ الله، عليهم هم أنفسهم أن يتغيَّروا بذلك الحق.
ما معنى عبارة ‹لسنا مِن العالم›؟ ما الذي يجعلنا نحن، وحياتنا، والكيفيَّة التي نعيش بها أن نكون ‹لسنا مِن هذا العالم›؟
الثلاثاء ١٦ تشرين الأول (أكتوبر)
«مِن أجل الذين يؤمنون بي»
بعد أن صلَّى يسوع مِن أجل تلاميذه، وسَّع دائرة صلاته لتشمل: «الذين يؤمنون بي بكلامهم» (إنجيل يوحنا ١٧: ٢٠).
اقرأ إنجيل يوحنا ١٧: ٢٠-٢٦. ماذا كانت رغبة المسيح العُظمى مِن أجل أولئك الذين سيؤمنون برسالة الإنجيل لاحِقًا؟ لماذا مِن المُهم جدًا تحقيق وإتمام هذه الصلاة؟
كما أنَّ الآب والإبن واحد، صلَّى يسوع أن يصبِح المؤمنون في المُستقبل واحدًا أيضًا. أشار يسوع، في بعض الأماكن مِن إنجيل يوحنا، إلى الوحدة بين الآب والإبن. لم يعملا قط بشكل مُسْتَقِل أحدهما عن الآخر، بل مُتَّحِدَين في كل ما يعملان (إنجيل يوحنا ٥: ٢٠-٢٣). إنَّهما يشتركان في حُبِّهما للبشرية الساقِطة إلى حدِّ أنَّ الآب كان على إستعداد لبذل ابنه فِداءًا عن العالم، وكان الإبن أيَضًا مُستَعِدًّا لأن يُقدِّم نفسه فِداءًا عن العالم (إنجيل يوحنا ٣: ١٦؛ إنجيل يوحنا ١٠: ١٥).
إنَّ الوحدة التي يُشير إليها يسوع في هذه الصلاة هي وحدة المحبَّة والهدف كما هي بين الآب والإبن. «بهذا يعرف الجميع أنَّكم تلاميذي: إن كان لكم حبٌّ بعضًا لبعض» (إنجيل يوحنا ١٣: ٣٥). إظهار هذه الوحدة في محبَّة سيُقدِّم تأكيدًا عَلَنيًّا لعلاقتهم مع يسوع ومع الآب. «إنَّ عرض وحدتهم الصَّادِقة سيُوفِّر شهادة مُقنِعة لحقِّ الإنجيل» ((أندرياس ج. كوستنبرجر، John, Baker Exegetical Commentary on the New Testament (Grand Rapids: Baker Academic, 2004), p. 498). هذه هي الطريقة التي سيعرف العالم من خلالِها بأنَّ يسوع هو المُخلِّص. بكلمات أخرى، الوحدة التي صلَّى يسوع مِن أجلها، لا يُمكِن أن تكون خَفِيَّة أو غير منظورة. كيف يُمْكِن للعالم أن يَقْتَنِع بصدق الإنجيل إذا لم يستَطِع أن يرى محبَّة ووحدة بين شعب الله؟
«يقود الله شعبًا ليقف في وحدة تامَّة على مسرح الحق الأبدي... قَصَد الله لشعبه أن يأتوا جميعًا إلى وحدة الإيمان. إنَّ صلاة يسوع المسيح قُبَيل صلبه كانت أن يكون تلاميذه واحدًا، كما أنَّه هُوَ والآب واحد، حتى يُؤمِن العالَم بأنَّ الآب قد أرسَلَه. هذه الصلاة الرائعة والمُؤثِّرة جدًا وَصَلَت عبر العصور، حتى إلى يومنا هذا؛ لأنَّ كلماته كانت: ‹لستُ أسأل مِن أجل هؤلاء فقط، بل أيضًا مِن أجل الذين يؤمنون بي بكلامهم› (إنجيل يوحنا ١٧: ٢٠).
«بأيِّ قدرٍ مِن الإخلاص والجِدِّيَّة يجب على أتباع المسيح أن يسعوا للإستجابة مع هذه الصلاة في حياتهم» (هوايت، شهادات الكنيسة، مُجلَّد ٤، صفحة ١٧).
ما الذي نفعله في حياتنا وكنائسنا لِنُساعد في الوصول إلى نوعيَّة الوحدة المُقدَّمة هُنا؟ لماذا يُعَدُّ الموت عن الذات، بمقدار مُعيَّن، أمر حاسِم وضروري لكل واحد منا إذا أردنا لكنيستنا أن تكون مُوحَّدة كما يجب أن تكون؟
الأربعاء ١٧ تشرين الأول (أكتوبر)
الوحدة بين المسيحيين
إقرأ إنجيل مرقس ٩: ٣٨-٤١ وإنجيل يوحنا ١٠: ١٦. ماذا يُعلِّمنا جواب يسوع على الرسول يوحنا حول الإقصاء وإصدار الأحكام السريعة على مَن هو تابِع حقيقي ليسوع؟
يميل الأدفنتست السبتيون إلى فهم صلاة يسوع في إنجيل يوحنا ١٧ إلى أنَّها تنطبق مُباشرة على وحدة طائفة كنيستهم. علينا أن نتَّحد ككنيسة لتحقيق وتتميم رسالتنا لنشر ومُشارَكة رسائل الملائكة الثلاثة إلى العالم. حول هذه النقطة، هناك بعض الخلاف.
ولكن ماذا عن الوحدة مع مسيحيين آخرين؟ كيف علينا أن نتعامل معهم في ضوء صلاة يسوع؟
لا شكَّ أننا نؤمن بأنَّ لله أشخاصًا أمناء في كنائس أخرى إلى جانب كنيستنا. بالإضافة إلى ذلك، يوضح الكتاب المقدَّس بأنَّ الله له أمناء، حتى في بابل: «اخرجوا منها يا شعبي، لئلا تشتركوا في خطاياها، ولئلا تأخذوا من ضرباتها» (رؤيا يوحنا ١٨: ٤).
في نفس الوقت، نحن نعلم، وحسب ما جاء في سفر الرؤيا، أنَّ هناك إرتدادًا عظيمًا بين الذين يُعلِنون ويُجاهِرون باسم المسيح، وأنَّه في الأيام الأخيرة كثير من المسيحيين الكذبة سيتَّحِدون مع بعضهم ومع الدَّولة ليجلبوا الإضطهاد الذي تمَّ التَنَبّؤ عنه في رؤيا يوحنا ١٣: ١-١٧. وبالتالي، كان الأدفنتست دائمًا شديدي الحرص والحذر فيما يخص ويتعلَّق بدعوات للوحدة مع كنائس أخرى، مِثلَما تدعو إليه الحركة المسكونية للوحدة بين الكنائس.
كيف إذًا علينا أن نتعامل مع الكنائس والطوائف الأخرى؟ كتبت إلن هوايت ما يلي بِشأن عمل كنيسة الأدفنتست السبتيين مع مسيحيين آخرين، على الأقل فيما يتعلَّق بالموضوع التالي: «عندما يُخْضِع الإنسان إرادته لإرادة الله، فإنَّ الروح القدس سَيَطْبَع التأثير على قلوب أولئك الذين يقوم الإنسان بخدمتهم. لقد تبيَّن لي بأنَّه علينا أن لا نتجنَّب العاملين في W.C.T.U [الاتحاد النسائي للإعتدال المسيحي]. إنَّ إتحادنا معهم بدلًا مِن تَجنُّبِه، لن يجعلنا نُغَيِّر موقفنا من ناحية حِفظ السبت — اليوم السابع من الأسبوع، ولكن يُمكِن أن يكون فُرصَة لإظهار تقديرنا لموقِفِهم حيال موضوع الإعتدال. عندما نفتح الباب ونستضيفهم ليتَّحدوا معنا في مسألة الإعتدال، فإننا نحصل على مُساعدتهم في نواحي الإعتدال؛ وهم مِن جانبهم بإتِّحادهم معنا، سيسمعون حقائق جديدة ينتظر الروح القدس أن يطبع آثارها على قلوبهم» (Welfare Ministry، صفحة ١٦٣).
مع أنَّ إلن هوايت كانت تتعامَل مع موضوع خاص في وقت خاص، إلا أنَّها تُعطي مبادِئًا يمكننا أن نتبعها فيما يتعلَّق بتعاملنا مع مسيحيين آخرين، خاصة في مسألة الإتِّحاد حول هدفٍ مُعيَّن.
أولًا، يمكننا العَمَل معهم في مهامٍ اجتماعية عامَّة. ثانيًا، إذا اتَّحدنا فعلًا معهم، علينا القيام بذلك بطريقة ليس فيها مُساومة على معتقداتنا أو ممارساتنا الدينية. ثالثًا، يمكننا ويجب أن نستخدم هذه «الوحدة» لنُشارك الآخرين بالحقائق الثمينة التي باركنا الله بها.
الخميس ١٨ تشرين الأول (أكتوبر)
إيمان واحد نشاركه بالمحبَّة
قال المسيح في إنجيل يوحنا ١٧: ٣ أنَّ الحياة الأبدية هي أن نعرف الله. إقرأ ١يوحنا ٢: ٣-٦. ما معنى أن نعرف الله؟ كيف نوضح ونُظهر معرفتنا لله في حياتنا اليومية؟
عمومًا، في حين يرغب الناس في مجتمع اليوم أن يدعوا أنفسهم مواطنون مُلتَزمون بالقانون، فإنَّ نفس هؤلاء الناس غالِبًا ما يُقلِّلون مِن الإلتزام بالكتاب المقدَّس ليحفظوا وصايا الله. حتى أنَّ بعضهم يُجادلون بأنَّ نعمة الله قد أطاحَت بوصاياه. لكنَّ ذلك ليس تعليم الكتاب المقدس: «إنَّ حفظ الوصايا ليس شرطًا لمعرفة الله، لكنَّه علامة على أننا نعرف الله/يسوع ونُحبُّه. ولهذا، فمعرفة الله ليست مُجرَّد معرفة نظرية، بل معرفة تقود إلى عَمَل» (إكهارت ميولير، The Letters of John، صفحة ٣٩). يسوع نفسه أكَّد قائلًا: «إن كُنتم تُحبونني فاحفظوا وصاياي.» «الذي عنده وصاياي ويحفظها فهو الذي يُحبّني» (إنجيل يوحنا ١٤: ١٥، ٢١). «بهذا نعرف أننا نُحِب أولاد الله: إذا أحببنا الله وحفظنا وصاياه. فإن هذه هي محبة الله: أن نحفظ وصاياه. ووصاياه ليست ثقيلة» (١يوحنا ٥: ٢، ٣).
اقرأ إنجيل يوحنا ١٣: ٣٤، ٣٥. ما هي الوصية الجديدة التي أعطاها يسوع لتلاميذه، وما علاقة هذا بفكرة الوحدة بين أتباع يسوع؟
إنَّ وصيَّة أن تُحب قريبك لم تكن جديدة في حدٍّ ذاتها؛ إذ يُمكن أن نجدها في التعليمات التي أعطاها الله لموسى (لاويين ١٩: ١٨). الجديد هو وصيَّة يسوع لتلاميذه أن يُحبُّوا بعضهم بعضًا كما أحبَّهم هو. مثال يسوع فيما يتعلَّق بالمحبة المُضحِّية بالنَّفس هو العنصر الجديد للمجتمع المسيحي.
يا له من مستوىً رائع وضعه يسوع أمامنا! فحَياة يسوع كانت بُرهانًا وتعبيرًا عمليًا عن المحبة العامِلة. إنَّ عمل النَّعمة بأكمَلِهِ هو خدمة محبَّة مُتواصِلة، لنُكران الذَّات، وسعي للتضحية بالنَّفس. يمكننا أن نتخيَّل بأنَّ حياة المسيح كانت إعلانًا وتعبيرًا غير مُنقطعين للمحبَّة والتضحية بالنَّفس مِن أجل خير الآخرين. المبدأ الذي كان دافِعًا للمسيح يجب أن يكون دافِعًا لشعبه في كل تعامُلاتهم مع بعضهم البعض. يا للشهادة القويَّة التي يُمكِن لِمَحبَّةٍ كهذه أن تُعلِنها أمام العالم. ويا للقُوَّة العُظمى لِلوِحْدَة بيننا يمكن لِمَحَبَّةٍ كهذه أن تَمُدَّنا بها أيضًا.
كيف يمكننا أن نتعلَّم إظهار نوعيَّة المحبَّة المُضحيَّة مِن أجل الآخرين التي أظهرها يسوع؟
الجمعة ١٩ تشرين الأول (أكتوبر)
لمزيد من الدرس: إلن هوايت، فصل ‹دوام شريعة الله›، صفحة ٤٨٤-٤٨٨، مِن كتاب ‹الصراع العظيم›.
«على الرَّغم مِن أنَّ كنيسة الأدفنتست السبتيين هي كنيسة عالميَّة، لها كنائس محليَّة كثيرة، إلا أنَّ الأدفنتست لا يدَّعون أنَّ كنيستهم هي كنيسة المسيح الكونيَّة. فالكنيسة الكونية مداها أرحَب وأوسَع مِن أيَّة طائفة. إنَّها منظورة وغير منظورة بقدر ما تتألَّف مِن أولئك الذين يؤمنون بالمسيح ويتبعونه. هذه القضية اللاهوتية بصفة خاصة تتفاقم إذا أخذنا في نظر الإعتبار الإرتداد بين المسيحيين، والذي تناوله سفر الرؤيا بطريقة حادَّة. الكنيسة الطاهرة في رؤيا يوحنَّا ١٢ تُقارَن مع ‹الزانية› في رؤيا يوحنَّا ١٧، بابل المدينة العظيمة، التي تُقارَنُ بدورها مع عروس الخروف، المدينة المُقدَّسة أو أورشليم الجديدة في رؤيا يوحنَّا ٢١ و٢٢. في القرن الأول الميلادي، كانت الكنيسة الكونية منظورة إلى حدٍّ ما، لكن الأمر أصبح أكثر صعوبة وتعقيدًا في العصور الوسطى، على سبيل المثال.
«لذلك، فالأدفنتست لا يحدُّون مفهوم كنيسة الله الحقيقية على كنيستهم أو طائفتهم الخاصَّة، ولا هم يبسطونها أوتوماتيكيًّا إلى كنائس أخرى. فكنيسة الله الحقَّة تتألَّف مِن أولئك الأفراد الذين يؤمنون حقًا به. والله يعرفهم. مِن جانب آخر، يؤمِن الأدفنتست بأنَّهم بقيَّة الله الخاصَّة المنظورة في نهاية الزَّمان والمُشار إليهم في رؤيا يوحنا ١٢: ١٧ والأصحاحات ١٢-١٤. هذه البقيَّة لها صفة محليَّة وكونيَّة أيضًا (رؤيا يوحنا ٢: ٢٤؛ رؤيا يوحنا ١٢: ١٧)» (إكهارت ميولير، «The Universality of the Church in the New Testament»، صفحة ٣٧).
أسئلة للنقاش
١. لماذا يُعتَبَر تحقيق وإتمام صلاة يسوع في إنجيل يوحنا ١٧ هام جدًا بالنسبة لكنيستنا؟ ما الذي تُظهِره رغبة يسوع في وحدة كنيسة القرن الأول عن رغبته لكنيستنا اليوم؟
٢. هل تعاونت كنيستك المحلية مع مسيحيين آخرين حول مواضيع مُعيَّنة؟ كيف سارت الأمور؟ كيف يمكننا أن نعمل معهم، حين يكون الوقت مُناسبًا، دون أن نُساوم على أيٍّ مِن الحقائق التي أعطِيَت لنا؟
٣. ما هي الآثار المُتَرَتِّبة على ما جاء في الفقرة التالية في كتاب ‹الصراع العظيم›؟ كيف يمكن أن نجعل هذا حقيقة في وسطنا؟ «لو أنَّ الشعب المُعترف بالله يقبل النور الذي يُشرق لهم من كلمته، لكانوا يصلون إلى تلك الوحدة التي قد صلَّى المسيح في طلبها، والتي يصفها الرسول بأنَّها: ‹وحدانية الروح برباط السلام›. ثم يقول: ‹جسد واحد وروح واحد كما دُعيتم أيضًا في رجاء دعوتكم الواحد. رب واحد إيمان واحد معمودية واحدة› (أفسس ٤: ٣-٥)» (هوايت، كتاب ‹الصراع العظيم›، صفحة ٤١٩، ٤٢٠).
مُلخَّص: إنَّ صلاة يسوع الكهنوتيَّة في إنجيل يوحنا ١٧ هي مُذكِّر بأنَّ يسوع ما زال يهتم بوحدة الكنيسة اليوم. صلاته يجب أن تكون صلاتنا، ويجب أن نسعى لترسيخ إيماننا في كلمة الله. كما أنَّ محبتنا واحدنا للآخر يجب أن تُميِّز علاقاتنا مع الآخرين، من ضمنهم المسيحيين الآخرين، أيًّا كانت إختلافاتنا اللاهوتية معهم.
الدرس الرابع ٢٠-٢٦ تشرين الأول (أكتوبر)
سر الوحدة
السبت بعد الظهر
المراجع الأسبوعية: أفسس ١: ٣-١٤؛ غلاطية ٤: ٧؛ أفسس ٢: ١١-٢٢؛ أفسس ٤: ١-٦، ١١؛ إنجيل متى ٢٠: ٢٥-٢٨؛ أفسس ٥: ١٥- ٦: ٩.
آية الحفظ: «إذ عرَّفنا بسر مشيئته، حسب مسرَّته التي قصدها في نفسه، لِتدبير ملء الأزمنة، ليجمع كل شيء في المسيح، ما في السماوات وما على الأرض، في ذاك» (أفسس ١: ٩، ١٠).
كانت أفسس مَركَزًا رئيسيًا للتجارة والنفوذ في آسيا الصغرى. الكنيسة هناك، في أفسس، كانت تتألَّف مِن اليهود والأمم وأشخاص مِن كُلِّ مسالِك الحياة. عضوية مُتعدِّدة الجنسيات مثل هذه كانت عُرضة للصراعات التي كانت سائِدة في العالم الذي يعيشون فيه؛ لو لم يكن المسيح والوحدة التي كانت لهم فيه كأعضاء في جسده. وهكذا، كان إهتمام بولس بالوحدة بين أتباع المسيح هو الموضوع المركزي في رسالته إلى أهل أفسس.
إنَّ مفهوم بولس للوحدة له بعدان: الوحدة في الكنيسة، حيث اليهود والأمم يجتمعون معًا في جسد واحد — جسد المسيح؛ والوحدة في الكون، حيث كل شيء في السماوات وما على الأرض يتوحَّد في المسيح.
إنَّ مصدر هذه الوحدة هو المسيح. وتعبير بولس «في المسيح» أو «مع المسيح» استُخدِم عِدَّة مرَّات في هذه الرِّسالة لِيُظْهِرَ ما حقَّقه الله لنا وللكون من خلال حياة، وموت، وقيامة يسوع المسيح. إنَّ قصد الله النِّهائي في خطَّة الخلاص هو إستعادة وحدة كل شيء في المسيح. هذه الوحدة ستظهر كامِلة عند نهاية الزَّمان فقط.
* نرجو التَّعمُّق في موضوع هذا الدرس، استعدادًا لِمُناقَشته يوم السبت القادم الموافق ٢٧ تشرين الأول (أكتوبر).
الأحد ٢١ تشرين الأول (أكتوبر)
بركات في المسيح
إقرأ أفسس ١: ٣-١٤. ماذا أُعطينا في المسيح، حسب كلام بولس هُنا؟
إنَّ أتباع يسوع لديهم الكثير ليُسبِّحوا الله مِن أجله. في المسيح، إختار الله أن يمنحنا التَّبنِّي كأبناء وبنات لِنُمثِّله أمام العالم. يستخدم بولس رموزًا كثيرة لِيَصِف علاقتنا الجديدة بالله في المسيح. أحد هذه الرموز، رمز التَّبني الذي يتناوله موضوع هذا الدرس عن الوحدة. في المسيح، نلنا التَّبني، ونحن ننتمي إلى عائلة الله. رمز العائلة هذا يُشير أيضًا إلى عهد الله مع بني إسرائيل. وفي سياق رسالة بولس، الأمميين الذين يقبلون يسوع كالمسيَّا، هم أيضًا أبناء الله، وورثة للوعود المقطوعة مع بني إسرائيل (رومية ٨: ١٧؛ غلاطية ٤: ٧). إنَّ الفائدة مِن هذه العلاقة مع المسيح، أنْ نكون في المسيح، أساسية للوحدة المسيحية. تُخبِرنا هذه الفقرة أيضًا أنَّ رغبة الله طوال الوقت كانت استِعادة وحدة البشرية جمعاء في المسيح. وفي عائلة الله، كُلُّنا أبناء الله، ومحبوبون ومُعزَّزون بالتَّساوي وبِلا تَفْرِقَة أو تمييز.
يختلط الأمر على البعض عندما نقرأ عن تحديد المصير المُسبق في هذه الفقرة (أفسس ١: ٥، ١١). فالوعد بأنَّ الله قد إختارنا للخلاص يبدو بأنَّه يُشير أيضًا إلى أنَّ الله قد اختار البعض للهلاك. لكنَّ هذا ليس تعليم الكتاب المقدَّس. بالأحرى، أعدَّ الله خطَّة الخلاص قبل تأسيس العالم مِن أجل أن يخلص كل الناس، «لأنَّه هكذا أحبَّ الله العالم حتى بذل إبنه الوحيد، لكي لا يهلك كل مَن يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية» (يوحنا ٣: ١٦؛ انظر أيضًا ١تيموثاوس ٢: ٦؛ ٢بطرس ٣: ٩). الله يعلم مُسبقًا مَن سَيَقْبَل عطيَّته للخلاص، لكنَّ ذلك لا يعني التحديد المُسبق لمصير الإنسان. فالخلاص مُقدَّم لكل البشرية بسبب ما فعله المسيح لأجلنا. والسؤال إذًا: كيف نستجيب لهذا العَرْض؟ الله لا يستخدم الإجبار أو الإكراه لخلاص أي شخص.
«في المجلس السَّماوي، اُعِدَّ التدبير بأنَّ البشر، مع كونهم مُخطئين، لا يجب أن يهلكوا في عصيانهم، بل، مِن خلال إيمانهم بالمسيح ككفَّارة عنهم، يُمكِن أن يُصبِحوا مُختاري الله، سَبَقَ فعَيَّنهم للتبنِّي بالمسيح يسوع لنفسه حسب إرادته ومسرَّته. إنَّ إرادة الله هي أن يخلص الجميع؛ لأنَّ الرب قد أعدَّ تدبيرًا وافيًا، إذ بذل إبنه الوحيد ليدفع ثمن فِداء الإنسان. فالذين يهلكون، سيهلكون بسبب رفضهم للتبنِّي كأولاد لله في المسيح يسوع» (إلن هوايت، The SDA Bible Commentary، المجلد ٦، صفحة ١١١٤).
الاثنين ٢٢ تشرين الأول (أكتوبر)
نقض الحائِط
مِن بين أعمق الإنقسامات التي تحدث بين الناس يعود سببها إلى العنصرية، والعِرقِيَّة، والأديان. في كثير مِن المجتمعات، تُبْرِزُ بطاقة الهوية العِرْق أو الدِّيانة التي ينتمي إليها الشخص، وهذه الإختلافات غالبًا ما ترتَبِط بمُميِّزات أو قيود يجب على البَشَرْ الالتزام بها بشكل يومي. عندما تَنْدَلِع الحروب أو الصِّراعات، غالِبًا ما تُصبح هذه الفروقات والإختلافات عوامِل ومُحفِّزات للقمع والعنف.
في أفسس ٢: ١١-٢٢، يكشف بولس عن طريقة أفضل للمجتمع المسيحي. كيف يُمكِن لِوحدتنا في المسيح أن تُؤثِّر على إختلافاتنا؟ ما الذي نقضه يسوع بموتِه على الصليب؟
يدعو بولس أهل أفسس أن يتذكَّروا كيف كانت حياتهم قبل قبولِهم نِعمة الله في المسيح. الإختلافات العِرقيَّة، والإجتماعيَّة، والدِّينية، خَلَقَت عِداءً وصِرَاعات بين فِئات الناس. لكن الأخبار السَّارَّة هي أننا جميعنا، في المسيح، شعب واحد لنا مُخلِّص واحد وربٌّ واحد. نحن جميعنا ننتمي إلى شعب الله: «لكن الآن في المسيح يسوع، أنتم الذين كُنتم قبلًا بعيدين، صرتُم قريبين بدم المسيح» (أفسس ٢: ١٣).
كان للهيكل القديم في أورشليم حائط فاصل يُميِّز أقسام الهيكل التي يُسمح بدخولها لليهود فقط. وكان على هذا الحائط نَقْشُ كتابةٍ تمنع الأجانب مِن التَّقدُّم إلى أماكِن أبعد، تحت طائلة العِقاب بالموت. وبموجب هذا الأمر، اتُّهِم بولس بالتَّعدِّي عندما دَخَل إلى الهيكل بعد رحلاتِه الكِرازية. عندما إعتُقِل بولس، نُسِبَت إليه تُهمَة إحضار شخصٍ أفسسيٍّ، يُدعى تروفيمس، إلى القسم اليهودي مِن الهيكل (أعمال الرسل ٢١: ٢٩). في هذه الرِّسالة، يُحاجِج بولس بأنَّ المسيح «هو سلامنا، الذي جعل الإثنين واحدًا، ونقض حائط السِّياج المتوسِّط» (أفسس ٢: ١٤).
في المسيح، كُلُّ المؤمنين هم نسل إبراهيم ويقبلون خِتان القلب. إنَّ خِتان الجَسَد الذي أعطاه الله لإبراهيم كان يُشير إلى الختان الروحي الذي سيقبله المؤمنون في المسيح (انظر تثنية ١٠: ١٦). «وبه أيضًا ختنتم ختانًا غير مصنوع بيد، بخلع جسم خطايا البشرية، بختان المسيح» (كولوسي ٢: ١١).
أعِد قراءة أفسس ٢: ١١-٢٢. بأيَّة طُرق نرى في كنيستنا حقيقة ما كتبه بولس هُنا؟ وما هي التَّحدِّيات التي ما زالت باقية؟
الثلاثاء ٢٣ تشرين الأول (أكتوبر)
الوحدة في جسد واحد
كان بولس عمليًا في كلماته الموحى بها إلى أهل أفسس. الوحدة السائدة بين اليهود والأمم، وبين شعوب مِن خلفيات حضارية وعِرقيَّة مُختلفة ليست خُرافة أو أُسْطورة أو مُجرَّد بناء نظري؛ إنَّها حقيقة تتطلَّب منَّا أن نسلُك «كما يحق للدَّعوة التي دُعيتم بها» (أفسس ٤: ١).
بحسب أفسس ٤: ١-٣، بأيَّة طريقة يجب على المسيحيين أن يسلكوا كما يَحِقّ للدَّعوة التي دُعوا بها في المسيح؟
الحصيلة العملية لهذه الفضائل والنِّعَم في حياة المسيحي تُساعد في حفظ «وحدانيَّة الروح برباط السلام» (أفسس ٤: ٣). كل هذه الخِصال مُتجذِّرة في المحبَّة (١كورنثوس ١٣: ١-٧). إنَّ المُمارسة النَّشِطة للمحبَّة تَحفظ العلاقات بين الإخوة والأخوات، وتُنمِّي السلام والوحدة في المجتمع المسيحي وإلى ما هو أبعد مِن ذلك. الوحدة في الكنيسة تُظهر محبَّة الله بطُرق فريدة مِن نوعِها يُمكِن للآخرين أن يَشْهَدوها. والكنيسة مدعُوَّة لأن تكون شاهِدة بهذه الطريقة، خاصة في وقت النِّزاع، والإنقسامات، والحروب.
اقرأ أفسس ٤: ٤-٦. ما هو أحد المواضيع الحاسِمة والمُهِمَّة في هذه الآيات الثلاثة؟
في الآيات الأولى مِن هذا الأصحاح، يُعبِّر بولس عن إهتمامه العميق بوحدة الكنيسة. ويبدأ بمُناشدة للوحدة (أفسس ٤: ١-٣) ويتبع ذلك بقائمة مِن العناصِر السَّبعة التي مِن شأنها أن تُوحِّد المؤمنين (أفسس ٤: ٤-٦). الوحدة هي شيء يمتلكه المؤمنون تلقائيًّا (أفسس ٤: ٤-٦)، شيء يجب العمل على تنميته وحفظه باستمرار (أفسس ٤: ١-٣)، وشيء هو هدف مُستقبلي نُجاهِد جميعنا للوصول إليه (أفسس ٤: ١٣).
«يُناشد الرسول بولس إخوته لِيُظهروا في حياتهم قوَّة الحق الذي قدَّمه هو لهم. كان عليهم أن يُشابهوا صفات المسيح وبركات خلاصه من خلال الوداعة واللطف والصبر والمحبَّة. ليس هناك سوى جسدًا واحدًا، وروحًا واحدًا، وربًّا واحدًا، وإيمانًا واحدًا. وكأعضاء في جسد المسيح، جميع المؤمنين يتحرَّكون بنفس الروح وبنفس الرَّجاء. إنَّ الإنقسامات في الكنيسة تُهين ديانة المسيح أمام العالم، وتمنح المجال لأعداء الحق لأن يُبرِّروا مسلكهم. لم تُكْتَبْ إرشادات بولس للكنيسة في عصره فقط، بل قَصَدَ الله أن تُرسل إلينا عبر العصور. ما الذي نفعله نحن لنُحافِظ على الوحدة في رُبُط السلام؟» (هوايت، كتاب ‹Testimonies for the Church› المُجلَّد ٥، صفحة ٢٣٩).
أيَّة قرارات واختيارات يمكنك إتِّخاذها الآن لتتأكَّد مِن أنَّك تسير «كما يحق للدعوة التي دُعيتم بها»؟
الأربعاء ٢٤ تشرين الأول (أكتوبر)
قادة الكنيسة والوحدة
«ولكن لكل واحد منَّا، أُعطيت النِّعمة حسب قياس هبة المسيح» (أفسس ٤: ٧). في حين أنَّ الخلاص هو هبة مُعطاة لكل الناس الذين سيقبلونه، فإنَّ بعض الهِبات الروحيَّة تُعطى لأشخاص مُعيَّنين لِغَرَضٍ مُعيَّن.
إقرأ أفسس ٤: ١١. أيَّة هبات قياديَّة يُعطيها الله للكنيسة؟
حسب ما ورد في أفسس ٤: ١٢، ما هو غرض الله مِن إعطاء هبات قياديَّة خاصَّة للكنيسة؟ كيف تتوافق هذه الهِبَات بعضها مع بعض؟
جميع المسيحيين، بمفهوم ما، كارزون وخدَّام لله والإنجيل. وتفويض المسيح الوارد في إنجيل متى ٢٨: ١٩، ٢٠ اُعطِيَ لجميع المسيحيين ليذهبوا ولِيُتلمذوا جميع الأمم، وليُعمِّدوهم، ويُعلِّموهم. إنَّ عمل الخِدمة لم يُمنَح فقط لِفِئة قليلة متميِّزة، مثل القساوسة و/أو الكارزين، بل لكل مَن يحمل إسم المسيح. لا يُمكِن لأي شخص أن ينأى بنفسه عن مُهمَّة نشر الإنجيل، ولا يُمكِن لأي قائد كَنَسِي أن يَدَّعي إمتلاك الخِدمة حصريًّا. إنَّ العطايا الروحيَّة المُتعلِّقة بالقيادة مُخصَّصة لِرِفْعَة الكنيسة. قادة الكنيسة مطلوبون لرعاية، وتقدَّم، وتشجيع الوحدة.
قائمة بولس الخاصَّة بالمواهب القياديَّة تُخبرنا بأنَّ هذه الأدوار هي أيضًا لإعداد شعب الله للوصول إلى الضَّالِّين. إنَّها مسؤولية بعض الأشخاص، من داخِل الكنيسة، الذين تمَّت دعوتهم خصيصًا لمُساعدة آخرين على تحقيق وإتمام خِدمتهم وكِرازتهم مِن أجل المسيح، ومِن أجل رِفْعَت جسد المسيح، «إلى أن ننتهي جميعنا إلى وحدانية الإيمان ومعرفة إبن الله. إلى إنسان كامل. إلى قياس قامة ملء المسيح» (أفسس ٤: ١٣). إنَّ مثال يسوع في إسلوب القيادة يجب أن يُرشدنا إلى كيفية أدائنا الخِدمة. لقد جاء المسيح ليخدِم الآخرين وليس لِيُخْدَم (إنجيل متى ٢٠: ٢٥-٢٨)؛ يجب علينا أن نذهب ونصنع هكذا.
هناك ميل شديد بين البشر لأن يكونوا مُستقلِّين وغير مُلتزمين لأي شخص. المجتمعات الغربية، على وجه الخصوص، تُعاني مِن هذا الميل. مع ذلك، يُذكِّرنا بولس بأنَّه ما مِن مسيحي وحيد في هذا العالم، وأننا جميعنا نُكوِّن مُجتمعَ إيمان مع قادة روحيين للمُساعدة في تشجيع بعضنا البعض في رحلتنا المُشتركة. نحن، جميعنا، جزء مِن جسد المسيح.
ما هي الهِبات الروحيَّة التي تمتلكها، وكيف تستخدمها مِن أجل وحدة كنيستك المحليَّة؟
الخميس ٢٥ تشرين الأول (أكتوبر)
العلاقات الإنسانة في المسيح
المسيحية هي ديانة العلاقات: علاقة مع الله ومع بعضنا البعض. ليس هناك معنى للإدِّعاء بوجود علاقة عميقة مع الله دون أن يكون لتلك العلاقة أثرًا على علاقات الشخص مع الآخرين. لا يُمكن للمسيحية أن تُعاش في فراغ. إنَّ مباديء الوحدة التي يُناقشها بولس في رسالته إلى أهل أفسس تنطبق أيضًا على كيفيَّة تواصلنا مع الآخرين.
إقرأ أفسس ٥: ١٥-٢١. ما الذي يقوله لنا بولس في العدد ٢١؟ ما هي العلاقة ما بين الخضوع والوحدة؟
إنَّ مُناشدة بولس لخضوع الواحد للآخر تتَّصل بعبارة «إمتلئوا بالروح» المذكورة في أفسس ٥: ١٨. أحد أوجه التعبير عن الإمتلاء بالروح هو خضوع الواحد للآخر. يُشير هذا إلى السلوك السليم للتواضع والإهتمام الذي يجب أن نتحلَّى به تجاه الآخرين. بالطبع، الخضوع ليس مِن الصِّفات الطبيعية لأغلبية الناس، لكنه نتيجة سُكنى الروح القدس في قلوبنا. إنَّه هِبَة مِن نَفْسْ الروح، الذي هو رباط الوحدة في المسيح. وبالنَّظر إليه مِن هذا المُنطَلَق، يكون الخضوع هو صفةً داخلية تُعبِّر عن خشوعنا للمسيح ولتضحيته مِن أجلنا.
إقرأ أفسس ٥: ٢٢-٦: ٩. ما هو تأثير صفة الخضوع المُتبادَل هذا على العلاقات الإنسانية في البيت وأماكِن العمل بالنسبة للمؤمِن بالمسيح؟
إنَّ الوحدة في الكنيسة، تعتمد إلى حدٍّ ما على الوحدة في البيت. أكَّدَ بولس ورَكَّز على أنَّ الوحدة، والمحبَّة، والإحترام الذي يجب أن يوجد بين الزوج والزوجة يجب أن يُماثِل محبَّة المسيح تجاه الكنيسة، محبَّة مُضحيِّة. ولهذا، فإنَّ الإحترام، وفقًا لِمثال المسيح، مطلوب من الأزواج والزوجات والأعضاء في البيت كما هو في الكنيسة أيضًا. هذه الفضيلة التي هي على مثال المسيح، يجب أيضًا أن تكون مِثالًا في علاقات الأبناء والوالدين، وبين العاملين وأصحاب العَمَل (العبيد والسَّادة). إنَّ نوع الإنسجام والسلام اللذين يجب أن يسودا أجواء بيوتنا يجب أيضًا أن يسودا أجواء كنائسنا.
ما هي المباديء التي يُمكِن أن تستخدمها مِن آيات اليوم والتي يمكن أن تُساعدك أكثر في فَهْم كيف يجب أن تتصرَّف (اعتمادًا على ظروفك) حِيال عُضوٍّ في عائلتك أو زميل لك في العمل؟
الجمعة ٢٦ تشرين الأول (أكتوبر)
لمزيد من الدرس: «لم يعترف المسيح بأي تمييز للجنسيَّة أو المكانة أو العقيدة. رَغِبَ الكَتَبَة والفريسيون في جعل كل هِبات السماء لهم ولِفائدتهم حصريًا، مَحَلِّيًّا ووطنيًا، ورغبوا في إستبعاد بقيَّة عائلة الله الموجودين في العالم. لكنَّ المسيح جاءَ لينقض كل حائط للإنقسام. لقد جاءَ لِيُظْهِر بأنَّ هِبَة الرَّحمة والمحبَّة لا يُمكِن حصرها، كالهواء، والنور، أو زخَّات المَطَر التي تُنعِش الأرض.
«إنَّ حياة المسيح أسَّست ديانة لا طائفيَّة فيها. ديانةً يرتبط فيها اليهودي والأممي، الحُر والعبد، بأُخوَّة مُشتركة، سَوَاسِيَة أمام الله. لم تؤثِّر القضايا السِّياسيَّة في تَحَرُّكاتِه. لم يُفرِّق بين الجيران والغُرَباء، الأصدقاء والأعداء. كان مطلب قلبه هو نفسٌ عطشانة لِمَاء الحياة» (هوايت، كتاب ‹Testimonies for the Church›، المجلد ٩، صفحة ١٩٠ و١٩١).
أسئلة للنقاش
١. تأمَّل في هذه الفقرة: «في الأصحاح الرابع مِن الرِّسالة إلى أهل أفسس، كُشِفَت خطَّة الله بوضوح شديد وببساطة ليتمكَّن كل أولاده مِن أن يتمسَّكوا بالحق. هُنا، الوسائل التي حدَّدها الله للمُحافظة على الوحدة في كنيسته، حتى يُظهر أعضاؤها للعالم إختبارًا دينيًّا سليمًا، كُلُّها مُعلَنة بوضوح» (هوايت، The SDA Bible Commentary، المجلد ٦، صفحة ١١١٧). ما الذي تراه في أفسس ٤ ممَّا يُشير إلى وحدة الكنيسة؟ ما الذي يُمكِننا فعله للمُساعدة في تأمين تلك الوحدة؟
٢. التَّواضع والخضوع لهما أهميَّة جوهرية في مسألة الوحدة. كيف يمكن أن تسود أو توجد وحدة في الكنيسة بدون هذه الخِصال والمزايا؟ إذا كُنَّا مُستكبرين، واثقين مِن آرائنا ومواقفنا، وغير مُستعِدِّين للإستماع إلى الآخرين، فليس لدينا فرصة للوحدة. كيف يمكننا أن نتعلَّم هذا الخضوع والتَّواضع؟
٣. كيف يمكن أن نتوحَّد حتى عندما لا نتوافَق أو نتَّفِق على كل شيء؟
مُلخَّص: في رسالته إلى أهل أفسس، يُقدِّم بولس نصائِح كثيرة حول ما يعنيه بالنسبة للمسيحيين أن يكونوا «في المسيح». إنًّ الخلاص بالمسيح يُغيِّر حياتنا بِطُرُقٍ عمليَّة. كل علاقاتنا الإنسانية، بما فيها العلاقات بين الإخوة والأخوات في الكنيسة، تتجدَّد بقوَّة المسيح في حياتنا. وهذا التغيير أساسي لِوحدتنا.
الدرس الخامس ٢٧ تشرين الأول (أكتوبر) - ٢ تشرين الثاني (نوفمبر)
إختبار الوحدة في الكنيسة الأولى
السبت بعد الظهر
المراجع الأسبوعية: أعمال الرسل ١: ١٢-١٤؛ أعمال الرسل ٢: ٥-١٣؛ رؤيا يوحنا ١٤: ١٢؛ أعمال الرسل ٢: ٤٢-٤٧؛ أعمال الرسل ٤: ٣٢-٣٧؛ أعمال الرسل ٥: ١-١١؛ ٢كورنثوس ٩: ٨-١٥.
آية الحفظ: «وكانوا يواظبون على تعليم الرُّسل، والشَّركة، وكسر الخُبز، والصلوات» (أعمال الرسل ٢: ٤٢).
وحدة الكنيسة هي ثمرة إختبار روحي مُشترك في المسيح، الذي هو الحق. «أنا هو الطريق، والحق، والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي» (إنجيل يوحنا ١٤: ٦). الروابط الرَّاسخة لشركة المؤمنين تتشكَّل في رحلة وخِبرة روحيَّة مُشتركة. كان للأدفنتست الأوائل مثل هذا الإختبار في الحركة الميلرية (نسبة إلى وليم ميلِر). فاختبارهم المُشترك في عام ١٨٤٤ ربط قلوبهم معًا إذ سعوا لإيجاد تفسيرٍ لخيبةِ أملهم. هذا الإختبار أنجب كنيسة الأدفنتست السبتيين والحق الخاص بالدَّينونة التي ستسبق المجيء الثاني وكل ما يُلازم هذه الدينونة.
إنَّ اختِبار تلاميذ يسوع بعد صعوده إلى السَّماء هو شهادة على قوَّة كلمة الله، والصلاة، والشِّركة في خَلْقِ الوحدة والإنسجام بين المؤمنين مِن خلفِيِّات مُختَلِفة. نفس ذلك الإختبار ما زال ممكنًا اليوم.
«إنني اُصِرُّ على أنَّ الشَّركة هي عنصر هام في العِبادة الجماعيَّة... لا يوجد بديل للمسيحي عن إدراك الرِّباط الروحي الذي يُوحِّده مع المؤمنين الآخرين ومع الرَّب يسوع المسيح... يقوم المسيح يسوع بِجَذْبِ النَّفسِ إليه أولًا، لكنه بعد ذلك يُوحِّد تلك النَّفس مع مؤمنين آخرين في جسده، الكنيسة» (روبرت ج. رايبِرن، ‹O Come, Let Us Worship›، صفحة ٩١).
* نرجو التَّعمُّق في موضوع هذا الدرس، استعدادًا لِمُناقَشته يوم السبت القادم الموافق ٣ تشرين الثاني (نوفمبر).
الأحد ٢٨ تشرين الأول (أكتوبر)
أيَّام الإستعداد
في السَّاعات الأخيرة التي قضاها يسوع مع تلاميذه قبل موتِه، وعدهم يسوع بأنَّه لن يتركهم لِوَحدِهم. مُعزٍّ آخر، الروح القدس، سيُرسَل إليهم لِيُلازمهم في خدمتهم. الروح القدس سيُساعِدهم لِيَتذكَّروا أشياء كثيرة كان المسيح قد قالها وفعلها (إنجيل يوحنا ١٤: ٢٦)، وسيُرشِدُهم لإكتشاف مزيد مِن الحق (إنجيل يوحنا ١٦: ١٣). جدَّد المسيح هذا الوعد لتلاميذه في يوم صعوده: «أنتم فستتعمَّدون بالروح القدس، ليس بعد هذه الأيام بكثير... ستنالون قوَّة متى حلَّ الروح القدس عليكم» (أعمال الرسل ١: ٥، ٨). سَتُعطى قوَّة الروح القدس لِتُمكِّن التلاميذ مِن الشَّهادة في أورشليم، واليهودية، والسَّامِرة وإلى أقصى الأرض (أعمال الرسل ١: ٨).
إقرأ أعمال الرسل ١: ١٢-١٤. ما الذي فعله التلاميذ خلال فترة العشرة أيَّام هذه؟
يمكننا أن نتخيَّل تلك الأيام العشرة كَفَترة إستعداد روحي مُكثَّف، نوعٍ مِن الخلوة شارَك التلاميذ أثناءها بعضهم البعض ذكرياتهم عن المسيح، وأعماله، وتعاليمه، ومُعجزاته. كانوا «بنفسٍ واحدة على الصلاة والطِّلبَة» (أعمال الرسل ١: ١٤).
«وإذ كان التلاميذ ينتظرون إتمام الوعد، ذللوا قلوبهم في توبة صادقة واعترفوا بعدم إيمانهم. فإذ ذكروا الأقوال التي كان المسيح قد تفوَّه بها لهم قبل موتِه، أدركوا فحواها إدراكًا أكمل. لقد عادت الحقائق التي كانت قد غابت عن أذهانِهم إلى عقولهم، فجعلوا يُردِّدونها الواحد للآخر. كما لاموا أنفسهم على سوء فهمهم للمُخلِّص. وقد مرَّت أمام أذهانهم مشاهد حياته العجيبة الواحدة تلو الأخرى كما في موكب عظيم. وإذ تأمَّلوا في حياته الطاهِرة المُقدَّسة، ما عدوا يحسُّون أنَّ أي تعب هو أشقّ مِن أن يحتملوه، ولا أيَّة تضحية أعظم مِن أن يُقدِموا عليها لو أمكنهم أن يمثلوا في حياتهم جمال صفات المسيح. وكم تمنَّوا لو أمكنهم أن يعيشوا السنوات الثلاث الماضية من جديد، وكانوا يُفكِّرون قائلين، لو حدث ذلك، فكم كان يبدو تصرُّفهم مُغايرًا لِما اعتادوه في الماضي. ولو أمكنهم أن يروا مُعلِّمهم مرَّة أخرى، فأي غيرة سيحاولون أن يبرهنوا على حبهم العميق له، وحزنهم الصادق لكونهم أحزنوا قلبه بكلمة أو عَمَل مِن أعمال عدم الإيمان. ولكنَّ الذي عزَّاهم هو الفكر أنَّه قد غُفِرَ لهم. ولذلك عقدوا العزم على التكفير بقدر الإمكان عن عدم إيمانهم السابق بالإعتراف به الآن أمام العالم بكل جُرأة... وإذ طرحوا عنهم كل الخلافات وكل تطلُّع إلى السِّيادة، إتَّحدوا معًا في شركة مسيحية وثيقة» (هوايت، كتاب ‹أعمال الرسل›، صفحة ٢٣).
ما هي الأشياء التي تتمنَّى أن تفعلها مِن جديد بالنسبة لإيمانك؟ ما الذي يمكنك أن تتعلَّمه مِن الأشياء التي تتأسَّف أو تندم عليها في الماضي والتي يمكن أن تُساعدك في صُنْعِ مُستقبلٍ أفضل؟
الاثنين ٢٩ تشرين الأول (أكتوبر)
من بابل إلى يوم الخمسين
أيَّام الإستعداد الروحي، بعد صعود المسيح، تنتهي بأحداث يوم الخمسين. العدد الأول يُخبرنا أنَّه في ذلك اليوم، مُباشرة قبل حلول الروح القدس على التلاميذ، كانوا جميعًا معًا «بنفسٍ واحدة» في مكان واحد (أعمال الرسل ٢: ١).
كان يوم الخمسين في العهد القديم هو الثاني من ثلاثة أعياد رئيسية يتوجَّبَ على كل يهودي ذَكَر أن يحضره. كان يُعقّد بعد خمسين يومًا مِن عيد الفصح. في ذلك العيد، كان العبرانييون يُقدِّمون لله باكورة ثِمارهم مِن محاصيل الصيف كتقدمة شُكر.
مِن المُحتمل أيضًا أنه في أيَّام يسوع، أصبح عيد الخمسين يشمل أيضًا الإحتفال بإعطاء الشريعة في سيناء (خروج ١٩: ١). وهكذا، نرى هُنا الأهمية المُستديمة لشريعة الله كجزء وكَمجموعة كاملة للرسالة المسيحية بخصوص يسوع، الذي بموتِه يهب كلَّ إنسانٍ تائِبٍ الغفران لتَعَدِّيهِ على شريعة الله. لا عَجَب أنَّ واحدة من الآيات الهامَّة والخاصَّة بالأيام الأخيرة تتناول كلاً مِن الشريعة والإنجيل: «هُنا صبر القديسين. هنا الذين يحفظون وصايا الله وإيمان يسوع» (رؤيا يوحنا ١٤: ١٢).
أيضًا، كما حدث في جبل سيناء، عندما تسلَّم موسى الوصايا العشر (خروج ١٩: ١٦-٢٥؛ عبرانيين ١٢: ١٨)، حدثت ظواهر إستثنائيَّة عديدة في يوم الخمسين. «وصار بغتة مِن السماء صوت كما مِن هبوب ريح عاصِفة وملأ كل البيت حيث كانوا جالسين، وظهرت لهم ألسِنة مُنقسمة كأنها مِن نار واستقرَّت على كل واحد منهم. وامتلأ الجميع من الروح القدس، وابتدأوا يتكلَّمون بألسنة أخرى كما أعطاهم الروح أن ينطقوا» (أعمال الرسل ٢: ٢-٤).
اقرأ أعمال الرسل ٢: ٥-١٣. ما هو مغزى هذا الحَدَث المُذهِل؟
يوم الخمسين كان عيد فرح، عيد شُكر للرب مِن أجل خيراته. ومِن هُنا، ربما كان هذا هو السبب لإطلاق الإتهامات الكاذِبة بالسُّكر (أعمال الرسل ٢: ١٣-١٥). ظهرت قوَّة الله، بصفة خاصَّة، في مُعجزة التَّكلُّم والإستماع بألسنة مُتنوِّعة. فاليهود مِن كل أنحاء الإمبراطورية الرومانية، الذين قَدِموا إلى أورشليم لهذا العيد، سَمِعوا رسالة يسوع، المسيَّا، بِلُغاتِهِم الخاصَّة.
إنَّ يوم الخمسين ساعَد، بطريقة فريدة، في إبطال تَشتُّت العائلة البشرية الأصلية وتشكيل المجموعات العِرقيَّة، الأمور التي بدأت جدِّيًا في حادِثة بناء برج بابل. إنَّ مُعجزة النِّعمة تبدأ في إستعادة وحدة العائلة البشرية. إنَّ وحدة كنيسة الله على مستوى العالم تَشْهَدُ على طبيعة مملكته في إستعادة ما فُقِدَ في بابل.
الثلاثاء ٣٠ تشرين الأول (أكتوبر)
وحدة الشَّركة
في إستجابة لِعِظة بولس وإلتماسِه للتوبة والخلاص، إتَّخذ نحو ثلاثة آلاف شخص قرارًا بقبول يسوع كالمسيَّا والمُتمِّم لوعود الله لإسرائيل في العهد القديم. كان الله يعمل في قلوب كل هؤلاء الناس. كثيرون سَمِعُوا عن يسوع مِن بعيد وربما سافروا إلى أورشليم بُغية رؤيته. ربما رأى البعض يسوع وسَمِعوا رسالته عن خلاص الله، لكنَّهم لم يتعهَّدوا ولم يتَّخذوا القرار لِيُصبحوا مِن أتباعه. في يوم الخمسين، تدخَّل الله بطريقة عجائبيَّة في حياة التلاميذ واستخدمهم ليشهدوا عن قيامة يسوع. والآن، أصبَحوا يَعلَمون أنَّه باسم يسوع يُمكِن للناس أن يحصلوا على غُفران خطاياهم (أعمال الرسل ٢: ٣٨).
أقرأ أعمال الرسل ٢: ٤٢-٤٧. ما هي الأعمال التي قام بها أتباع يسوع الأوائل كمُجتمع مِن المؤمنين؟ ما الذي أنشأ هذه الوحدة المُدهِشة للشَرِكة؟
مِن المُدهِش مُلاحظة أنَّ النَّشاط الأوَّل الذي إنخرط فيه هذا المُجتمع من المؤمنين الجُدُد هو تَعَلُّم تعليم الرُّسل. تعليم ودراسة الكتاب المقدَّس هو طريقة مُهمَّة لتبسيط وتسهيل النمو الروحي للمؤمنين الجُدد. لقد أعطى يسوع تلاميذه مأمورية أن يُعلِّموهم «جميع ما أوصيتُكم به» (إنجيل متى ٢٨: ٢٠). هذا المُجتمع الجديد قضى وقتًا في التَّعلُّم مِن التلاميذ كل شيء يتعلَّق بيسوع المسيح. لا شكَّ أنَّهم سَمِعُوا عن حياة المسيح وخِدمته؛ عن تعاليمه، وأمثاله، وعِظاته؛ وعن مُعجزاته، كُلُّها فُسِّرت كتحقيق وتتميم لما جاء في الأسفار العبرية في كتابات الأنبياء.
لقد قضوا وقتًا في الصلاة وكسر الخبز أيضًا. ليس واضحًا فيما إذا كان كسر الخُبز هو تلميح مُباشر إلى العشاء الرَّباني أو أنَّه إشارة إلى مُشاركة الطعام بعضهم مع بعض، كما توحي إليه ببساطة الآية في أعمال الرسل ٢: ٤٦. إنَّ ذِكْر الشَّركة يدلُّ بالتأكيد على أنَّ هذا المُجتمع الجديد كان يقضي وقتًا معًا، غالبًا في فترات منتظمة، في كلٍّ مِن الهيكل في أورشليم، الذي كان ما يزال يُستخدم كمركز لصلواتهم وعِبادتهم، وفي بيوتهم الخاصَّة. لقد تشاركوا في حياة حميمة. أكلوا وصلُّوا معًا. إنَّ الصلاة عنصر حيوي في مجتمع الإيمان، وهي أساسية في للنمو الروحي. هذا المجتمع الجديد قضى وقتًا في العبادة. ويُخبرنا الكتاب المقدس أنَّ هذه النشاطات كانت تُمارس بصورة مُستمرة و«كانوا يُواظبون» عليها.
أدّت هذه المواظبة في الشركة إلى علاقات جيِّدة مع آخرين في أورشليم. وقد تمَّ وصفُ المؤمنين الجدد بأنَّ «لهم نِعمة لدى جميع الشعب» (أعمال الرسل ٢: ٤٧). لا شكَّ أنَّ عمل الروح القدس في حياتهم تَرَك تأثيرًا قويًا على مَن حولهم وخَدَم كشاهِد قوي لِحَقِّ المسيح كالمَسيِّا.
ماذا يُمكِن لكنيستك المحليَّة أن تتعلَّمه مِن المِثال هنا بخصوص الوحدة والشَّركة والشَّهادة؟
الأربعاء ٣١ تشرين الأول (أكتوبر)
السَّخاء والجَّشع
يُخبرنا لوقا بأنَّ إحدى النتائج الطبيعية التي نَمَت مِن اختبار الشَّركة التي عاشها أتباع يسوع بعد وقت قصير مِن يوم الخمسين كانت الدَّعم المُتبادل واحدهم للآخر: «وجميع الذين آمنوا كانوا معًا، وكان عندهم كل شيء مُشتركًا. والأملاك والمقتنيات كانوا يبيعونها ويقسمونها بين الجميع، كما يكون لكل واحد إحتياج» (أعمال الرسل ٢: ٤٤، ٤٥).
هذه الشَّركة والشَّراكة في الحاجات والبضائِع المُشتركة لم تكن مطلبًا مِن المجتمع، بل كانت نُموًّا طوعِيًّا لِمَحبَّتهم بعضهم لبعض في الشَّركة التي يختبرونها. وهي أيضًا تعبير راسخ عن وحدتهم. إستمرَّ هذا الدَّعم المُتبادل لبعض الوقت، وقد وردت تفاصيل أكثر عن ذلك في أعمال الرسل ٤ و٥. إنَّه أيضًا موضوع رئيسي نراه في أماكن أخرى مِن العهد الجديد، كما سيتبيَّن لنا في الفقرة التالية.
في هذا السِّياق، يتم تقديم برنابا لأوَّل مرَّة. يبدو بأنَّه كان رجلًا ثريًّا يمتلك حقلًا. وإذ باع مِلْكَه لِفائِدة المجتمع، «أتى بالدَّراهم ووضعها عند أرجل الرُّسل» (أعمال الرسل ٤: ٣٦، ٣٧). يُصوِّر برنابا على أنَّه مثال يُحتذى به.
اقرأ أعمال الرسل ٤: ٣٢-٣٧ و٥: ١-١١. قارِن بين مواقف وتصرُّفات برنابا وبين مواقِف وتصرُّفات حنانيا وامرأته سفيرة. ما هو الخطأ الذي وقع فيه هذان الزَّوجان؟
إلى جانب خطيئتهم الفاضِحة بالكذب على الرُّوح القدس، فقد أظهر هذان الزوجان طَمَعَهُما وجشعهما. قد لا توجد خطيَّة يُمكِن أن تُدمِّر الشَّركة والمحبَّة الأخويَّة أسرع مِن خطية الأنانية والجَّشع. إذا كان برنابا يُمثِّل المِثال الإيجابي لروح الشَّركة في الكنيسة الأولى، فإنَّ حنانيا وسفيرة على عكس ذلك. كان لوقا صادِقًا في مُشاركته لهذه القصَّة عن أشخاصٍ أقل طهارةً في مُجتمع المؤمنين.
إنَّ الوصيَّة الأخيرة من الوصايا العشر (خروج ٢٠: ١-١٧) عن الإشتهاء أو الجَّشع، وهي لا تُشبِه غيرها مِن الوصايا. بينما تتحدَّث الوصايا الأخرى عن أفعالٍ تتعدَّى ظاهِريًا ومرئيًّا على إرادة الله للبشرية، تتحدَّث الوصية الأخيرة عمَّا هو مخفيّ في القلب. إنَّ خطيَّة الإشتهاء أو الجَّشع ليست فِعلًا؛ بل إنها نهج في الفِكر أو مُعالجة فِكْرَة. الجَّشع أو الشَّهوة، ومُرافِقتها الأنانية، ليست خطيَّة ظاهرة أو مرئيَّة، بل هي حالة مِن الطبيعة البشرية الخاطئة. تُصبِح ظاهرة ومرئيَّة عندما تظهر في أفعالٍ أنانية، كما رأينا هُنا مع حنانيا وسفيرة. فالوصية الأخيرة، بمعنىً ما، تبيِّن أصل الشَّر الظاهِر في الأفعال التي تُدينُها كل الوصايا الأخرى. إنَّ جَشعهما وشهوتهما فتحت قلبيهما لتأثير الشيطان، الذي قادهما للكذب على الله؛ وهذا ليس بِمُغايرٍ لِما قاد جشع يهوذا لأن يفعله أيضًا.
ما هي الطُّرق التي يُمكنِنا أن نسعى إليها لإجتثاث أو إقتلاع الشَّهوة والجَّشع مِن حياتنا؟ لِماذا يُعتَبَرُ التَّسبيح والحَمْد والشُّكر لِكل ما نملكه ترياقًا قويًا ضدَّ هذا الشَّر؟
الخميس ١ تشرين الثاني (نوفمبر)
اذكروا الفقراء
إنَّ مُشاركة الإنسان بما يملكه كان في أغلب الأحيان تعبيرًا ملموسًا عن الوحدة في الكنيسة الأولى. فالسَّخاء الذي تصفه الأصحاحات الأولى مِن سفر أعمال الرُّسل يستمر لاحقًا مع دعوة بولس للكنائس التي أسَّسها في مكدونية وإخائية ليُقدِّموا تقدمات أو تبرُّعات للفقراء في أورشليم (انظر أعمال الرسل ١١: ٢٧-٣٠؛ غلاطية ٢: ١٠؛ رومية ١٥: ٢٦؛ ١كورنثوس ١٦: ١-٤). تلك العطايا تُصبِح تعبيرًا ملموسًا عن حقيقة أنَّ الكنائس، التي تتألَّف في غالبِّيتها مِن المؤمنين غير اليهود، يهتمُّون ويُحِبُّون إخوتهم وأخواتهم مِن الأصول اليهودية في أورشليم. بالرَّغم مِن الإختلافات الحضاريَّة والعِرقيَّة، فَهُم يُؤلِّفون جسدًا واحدًا في المسيح، ويَعتَزُّون معًا بإنجيلٍ واحد. هذه المُشاركة مع مَن هُم في حاجة لا تُظهِرُ فقط الوحدة السائِدة أصلًا في الكنيسة، بل تُقوِّي تلك الوحدة أيضًا.
اقرأ ٢كورنثوس ٩: ٨-١٥. ماذا يقول بولس عن نتائج السَّخاء الذي ظهر من قِبَل كنيسة كورنثوس؟
إنَّ تجربة الوحدة في الكنيسة الأولى تُظهر لنا ما يُمكِن فِعْلُه اليوم أيضًا. غير أنَّ الوحدة لم تحدث بدون تكريس مقصود ومُتعمِّد مِن جانب كُل المؤمنين. إنَّ قادة المجتمع الأوَّل رأوا أنَّ خدمتهم هي تعزيز وتقوية الوحدة في المسيح. وكما أنَّ الحُب بين الزوج والزوجة والأبناء هو تعهُّد والتزام يجب أن يُعزَّز بإصرار يوميًّا، هكذا أيضًا الوحدة بين المؤمنين. إنَّ الوحدة التي لنا في المسيح تظْهَر مِن خلال العديد مِن الطرق.
العناصر الجليَّة التي دعمت هذه الوحدة في الكنيسة الأولى كانت الصلاة، والعبادة، والشَّركة والرؤية المُشتركة ودِراسة كلمة الله. لم يُدرِكوا فقط رِسالتهم ومأموريتهم ليُبشِّروا بالإنجيل إلى كُل الأمم، بل أدركوا أيضًا أنَّ عليهم مسؤولية محبَّة ورعاية بعضهم البعض. إنَّ وحدتهم أظهَرَت نَفْسَها في سَخائهم ودعمهم المُتبادل في شَرِكَتِهم المحليَّة الخاصَّة، وفي مجال أوسع، بين مجتمعات الكنيسة، حتى وإن فرَّقتهم وأبعَدَتْهُم المسافات الطويلة.
«لقد شهد إحسانهم على أنَّهم لم يقبلوا نعمة الله باطِلًا. أي شيء يمكن أن يُثمِر مثل ذلك السَّخاء غير تقديس الروح؟ لقد كان هذا السَّخاء مُعجزة من معجزات النِّعمة في نظر المؤمنين وغير المؤمنين» (هوايت، كتاب ‹أعمال الرسل›، صفحة ٢٩٤).
بأيَّة طرق إختبرتَ أنت وكنيستك فوائد السَّخاء تجاه الآخرين؟ بمعنى آخر، ما هي البركات التي تأتي للذين يُعطون مِن أجل الآخرين؟
الجمعة ٢ تشرين الثاني (نوفمبر)
لمزيد من الدرس: قراءات من كتب إلن هوايت، من كتاب ‹أعمال الرسل›، فصل ‹يوم الخمسين›، صفحة ٢٢-٣٢.
«هذا السَّخاء الذي أظهره المؤمنون كان نتيجة إنسكاب الروح القدس. فالمُهتدون إلى الإنجيل كان لهم «قلب واحد ونفسٌ واحدة» (أعمال الرسل ٤: ٣٢). إنَّ إهتمامًا واحدًا مُشتركًا سَيْطَرَ عليهم، ألا وهو نجاح الرِّسالة المُسلَّمة لهم، فَلَم يكن للطمع مكان في حياتهم. إنَّ محبَّتهم لإخوتهم وللملكوت الذي قبلوه وأيَّدوه كانت أعظم مِن محبَّتهم للمال والأملاك. وقد شهدت أعمالهم على أنَّهم كانوا يعتبرون نفوس الناس أغلى قيمة من ثروات الأرض.
وهذا ما يحدث دائِمًا عندما يتسلَّط روح الله على الحياة. فأولئك الذين قد إمتلأت قلوبهم بمحبة المسيح سيتبعون مثال ذاك الذي مِن أجلنا إفتقر لكي نستغني نحن بفقره. فالمال والوقت والنُّفوذ — كل العطايا التي نالوها مِن يد الله سيُقدِّرونها فقط على قدر ما تكون وسيلة لِتَقدُّم عمل الإنجيل. هكذا كانت الحال في أيَّام الكنيسة الأولى، وعندما يُرى في الكنيسة اليوم أنَّه بقوَّة الروح قد حوَّل الأعضاء عواطفهم عن أمور العالم، وأنَّهم يرغبون في التَّضحية كي يسمع بنو جنسهم الإنجيل، فالحقائق المُعلَنة سيكون لها تأثير قوي على السَّامعين» (هوايت، كتاب ‹أعمال الرسل›، صفحة ٥٣، ٥٤).
أسئلة للنقاش:
١. أعِد قراءة العوامِل التي ساعدت في تحقيق الوحدة التي اختبرتها الكنيسة الأولى في درس هذا الأسبوع. كيف يمكننا ككنيسة، في يومنا هذا، أن نقوم بمثل تلك الأعمال؟ بمعنى آخر، ما الذي يُمكن أن نكون بحاجة إليه أو نفقتد إليه الآن مُقارنة مع ما كان يحدث وسط المؤمنين في ذلك الوقت؟
٢. كيف يُمكن لِلعطاء السَّخي الذي قدَّمته الكنائس الأولى في العهد الجديد، مِن أجل مُساعدة الفُقراء في أورشليم، أن يكون مثالًا لِمَا يجب أن نفعله اليوم؟ ماذا عن نواحٍ إجتماعية أخرى؟ كيف يُمكن للكنائس المحليَّة أن تندمج في مجتمعاتها لِغَرَض التخفيف مِن وطأة الفقر وتقديم إحتياجات أساسية أخرى؟
٣. ما هي بعض الدروس التي يُمكن أن نأخذها مِن القصَّة المُؤلِمة لحنانيا وسفيرة؟ ما أهمية العبارة الواردة في أعمال الرسل ٥: ٥ و٥: ١١ إذ «صار خوف عظيم» على جميع الكنيسة بخصوص هاتين الميتتين؟
مُلخَّص: إختَبَرَت الكنيسة الأولى نموًّا سريعًا لأنَّ تلاميذ يسوع أعدُّوا أنفسهم قلبيًا لانسكاب الروح القدس الموعود به. كانت شركتهم وإيمانهم المُشتَرَك هي الوسائِل التي استخدمها الروح القدس لِيُعِدَّ بها قلوبهم لِيوم الخمسين. إستمر الروح القدس، بعد يوم الخمسين، في تحويل وتغيير هذا المجتمع الجديد، كما ظهر ذلك في سَخائِهم تجاه بعضهم البعض والنَّمو السريع للكنيسة.
الدرس السادس ٣-٩ تشرين الثاني (نوفمبر)
صُوَرٌ للوحدة
السبت بعد الظهر
المراجع الأسبوعية: ١بطرس ٢: ٩؛ خروج ١٩: ٥، ٦؛ أفسس ٢: ١٩-٢٢؛ ١كورنثوس ٣: ١٦، ١٧؛ ١كورنثوس ١٢: ١٢-٢٦؛ إنجيل يوحنا ١٠: ١-١١؛ مزمور ٢٣.
آية الحفظ: «لأنَّه كما أنَّ الجسد هو واحد وله أعضاء كثيرة، وكل أعضاء الجسد الواحد إذا كانت كثيرة هي جسد واحد، كذلك المسيح أيضًا» (١كورنثوس ١٢: ١٢).
كما يعرف أي دارسٍ للكتاب المقدَّس، الإنجيل مليءٌ بالصور والرُّموز التي تُشير إلى حقائق أعظم مِن تلك الصُوَر والرّموز في حدِّ ذاتها. فمثلّا، جوهر نظام الذَّبائح في كل الكتاب المقدَّس هو، بمفهوم ما، رمز لحقيقة أعظم: يسوع وخطَّة الخلاص بأكملها.
صُوَرٌ أخرى كثيرة إستُخدِمَت في الكتاب المقدَّس، وأحيانًا مِن عناصر الحياة الأساسية، مثل الماء، النار، الرِّياح. وإعتمادًا على السِّياق، هذه صور لحقائق روحية ولاهوتيَّة. مثلًا، عندما قال يسوع: «الريح تهبُّ حيث تشاء، وتسمع صوتها، لكنَّك لا تعلم مِن أين تأتي ولا إلى أين تذهب. هكذا كل مَن وُلِد من الروح» (إنجيل يوحنا ٣: ٨)، إستخدم الريح كرمز للروح القدس.
يستخدم الكتاب المقدَّس عددًا مِن الصُّوَر لِيَصِف نوع الوحدة التي نجدها في الكنيسة، الوحدة التي يدعوها الله للظهور أمام العالم. كل صورة مُنفَردة ليست مُكتَمِلة أو كامِلة في حدِّ ذاتها. ولكنَّ، هذه الصور بمُجملها تُظهِر أشياء كثيرة عن وحدة الكنيسة، مثل علاقة الكنيسة بالله، وعلاقة الأعضاء بعضهم ببعض، وعلاقة الكنيسة بالمجتمع ككل.
درس هذا الأسبوع سيتناول بعض الصُّوَر والرُّموز وما تظهره لنا عن الوحدة في المسيح.
* نرجو التَّعمُّق في موضوع هذا الدرس، استعدادًا لِمُناقَشته يوم السبت القادم الموافق ١٠ تشرين الثاني (نوفمبر).
الأحد ٤ تشرين الثاني (نوفمبر)
شعب الله
اقرأ ١بطرس ٢: ٩؛ خروج ١٩: ٥، ٦؛ تثنية ٤: ٢٠؛ تثنية ٧: ٦. ما الذي تقوله هذه الآيات عن المكانة الخاصَّة لشعب الله؟
الكنيسة هي مِن الناس وعن الناس، ولكن ليس أيَّ صنفٍ مِن الناس. الكنيسة هي شعب الله، الناس الذين ينتمون إلى الله، الذين يُطالِبون ويدَّعون بأنَّ الله هو أبًا ومُخلِّصًا لهم، والذين خلصوا بالمسيح ويُطيعونه. هذه الصورة تؤكِّد مفهوم أنَّ الله كان له شعبًا على الأرض منذ تقديم خطَّة الخلاص، وأنَّ هُناك إستمرارية بين إسرائيل في العهد القديم والكنيسة في العهد الجديد. منذ وقت آدم، والآباء قبل وبعد الطوفان، وإبراهيم، قطع الله عهدًا مع شعبه ليكونوا مُمثِّلين لِمحبَّته ورحمته وعدالته أمام العالم.
دُعِيَ شعب الله «جنسٌ مُختار»، «كهنوت ملوكي»، و»أمَّة مُقدَّسة». هذه الأوصاف تُبيِّن أنَّهم قد اُفرِزوا واقتُنوا لِهَدَفٍ خاص: «لكي تُخبروا بفضائل الذي دعاكم مِن الظُلمة إلى نوره العجيب» (١بطرس ٢: ٩). وهي أيضًا صدى لوصف صفات الله كما جاءت في خروج ٣٤: ٦، ٧. «إتَّخذ الله الكنيسة كمُلكٍ خاصٍ له لِيَعْكِس أعضاؤها سِمات صفاتِه الثمينة في حياتهم ولِيُعلِنوا إحساناته ورحمته لكل البشر» (The SDA Bible Commentary، المجلد ٧، صفحة ٥٦٢).
اقرأ تثنية ٧: ٦-٨. ما الذي دَفَعَ الله لاختيار نسل إبراهيم كشعبٍ خاصٍ له؟ كيف يُمكِن أن يكون هذا قابِلًا للتطبيق اليوم؟
ربَّما نستطيع أن نسأل أنفسنا، أيُّ بلدٍ، في يومنا هذا، يستحق أن يحمل عنوان أو لَقَبْ «أمَّة مُقدَّسة»؟ لا يوجد. كل الأمم والمجموعات العِرْقِيَّة تتألَّف مِن أشخاص لا يستحقُّون محبة الله ونعمته. ومع أنَّ الكتاب المقدس يدعونا لأن نكون شعبًا مُقدَّسًا، يُعلِّمنا الإنجيل أيضًا بأنَّ إختيار وإقامة إسرائيل (شعب الله في العهد القديم) كان مُؤسَّسًا بالكامل على محبَّة الله وليس على أيِّ إستحاقاقات يُمْكن للجنس البشري أن يُقدِّمها لله. إنَّ تشكيل شعب الله هو عمل خليقة مُحِبَّة، فبالرغم من الخطية والارتداد على المستوى الوطني، حَفِظ الله وعده مع إبراهيم بأنَّ مِن نسله، يسوع، سيخلص شعبه. وكما أنَّ إختيار شعب الله كان عملًا مِن أعمال نِعْمَتِه، هكذا أيضًا خلاصهم. يُذكِّرنا هذا الشِّعار بجذورنا المُشتَرَكة في نعمة الله التي لا نستحقَّها.
لماذا يتوجَّب علينا دائِمًا أن نضع نُصْبَ أعيننا الحق المُقدَّس بأنَّ خلاصنا مُؤسَّسٌ على ما فعله المسيح مِن أجلنا وليس على ما يُمكننا نحن القِيام به لأنفسنا، حتى لو كُنا «شعب الله»؟
الاثنين ٥ تشرين الثاني (نوفمبر)
أهل بيت الله
صورة أخرى لشعب الله في العهد الجديد هي البيت أو أهل بيت الله. إنَّها إستعارة أو تشبيه لأحجار ومبانٍ تُسلِّط الضوء على طبيعة العلاقات البشرية المُعقَّدة والمُترابطة داخل الكنيسة. يُشير بطرس إلى المسيحيين على أنَّهم «حِجارة حيَّة» (١بطرس ٢: ٥). هذه الإستعارة تشمل أيضًا صِفة الدَّيمومة والصَّلابة.
إقرأ أفسس ٢: ١٩-٢٢. ما هي الأفكار الأساسية التي يؤكِّد عليها بولس في هذه الفقرة؟ بماذا تُخبرنا هذه الصورة عن الوحدة في الكنيسة؟
في هذه الفقرة، يجمع بولس بين صورتين للكنيسة: الأولى جامدة (ثابتة لا تتحرَّك)، بيت أو مبنى؛ والثانية حَيَّة، أهل البيت.
الحجر ليس ذا قيمةٍ بِحَدِّ ذاته، ولكن عندما يُضَمُّ إلى أحجارٍ أخرى، يُصبِحُ بناءًا يمكنه صدُّ عواصِف الحياة. لا يمكن للمسيحي أن يكون حجرًا منفردًا، ولكن يجب أن يرتبط مع آخرين في شَركة أهل بيت الله. لِكي يكون البناء صلبًا، يجب أن يستَقِرَّ على أساسٍ قويٍّ وراسِخ. يسوع المسيح هو هذا الأساس، و»حجر الزاوية» لبيت الله (انظر أيضًا ١كورنثوس ٣: ١١). الكنيسة أيضًا ستتوقَّف إذا لم تجعل المسيح حجر الزاوية في نشاطاتها. إنَّ الكنيسة في حقيقتها هي عن يسوع المسيح: حياته، وموته، وقيامته، وعودته. تُشكِّل الكنيسة مجتمعًا مِن مُؤمنين مُتَّحدين لِنَشْر الأخبار السَّارَّة عن المسيح إلى العالم. إنَّ جدول أعمال الكنيسة هو المسيح: مَن هُوَ، وما الذي فَعَله وما يزال يفعله من أجلنا، وما الذي يُقدِّمه لأي شخص سيقبله ربًّا ومُخلِّصًا.
إنَّ صورة أهل البيت أيضًا مُعبِّرة جدًا. فهي ترتكز على علاقات الناس بعضهم ببعض. إنَّها صورة مألوفة لأبٍ وأمٍ، إخوةٍ وأخوات. يُمكِن للرَّوابط ما بين أعضاء العائلة أن تكون قويَّة، والولاءات المُصاحِبة لها غالِبًا ما تكون تفوق كل الروابط الخارجية الأخرى. إنَّ الولاء جزءٌ كبيرٌ مِن الوحدة، لأنَّه كيف يُمكن أن يكون هناك أي نوع مِن الوحدة بدون ولاءٍ أيضًا؟
ما هي الصِّلة بين هذا الرَّمز أو الصورة وبين الكنيسة؟ أعضاء الكنيسة هم أيضًا جزء من عائلة كبيرة واحدة. إننا مُترابطون معًا، ليس فقط لأننا ننتمي إلى العائلة البشرية مِن خلال سَلَفِنا المُشترك آدم، بل أيضًا لأننا مُرتبطون بالمسيح، آدم الثاني، مِن خِلال إختبارنا المُشترك بـ «الولادة الجديدة». وهكذا، نُصبح مُتَّحدين بعضنا مع بعض، ليس فقط بداعي حقائق مُعتقداتنا التي نتمسَّك بها معًا، لكن أيضًا في إختبار تغيير نفوسِنا التي تجدَّدت وأصبح لها حياة جديدة في المسيح.
بكل أسف، لم يحظَ كل إنسان بإختبار عظيم مع عائلته/عائلتها. ولذلك، فإنَّ تلك الصورة قد لا تعني الكثير بالنسبة لهم. بالرغم مِن ذلك، كيف يمكننا ككنيسة أن نُصبح العائلة التي لم يحظَ بها قط هؤلاء الأشخاص؟
الثلاثاء ٦ تشرين الثاني (نوفمبر)
هيكل الرُّوح القدس
صورة بناء تشبيهيَّة أخرى إستخدمها بولس هي هيكل الله أو هيكل الروح القدس. إنَّها صورة بناء ثمين ونفيس. إلى جانب الصورة الواردة في ١كورنثوس ٦: ١٩، التي تُشير إلى جسد الإنسان كهيكلٍ للروح القدس، يستخدم بولس في ١كورنثوس ٣: ١٦، ١٧ الصورة ليُشير إلى أقدس وأغلى صَرْحٍ في الشرق الأدنى القديم، هيكل الله.
اقرأ ١كورنثوس ٣: ١٦، ١٧. ما معنى أنَّ الكنيسة هي هيكل الروح القدس؟ مما يُحذِّرنا منه بولس في العدد ١٧؟
من الواضح أنَّ بولس، في إشارته إلى الكنيسة، لا يُفكِّر بالكنيسة كهيكل مادِّي أو كَمَكانِ سُكنى الله. إنَّ اللغة اليونانيَّة للعهد الجديد (كما في اللغة العربية) تُفرِّق بين المُفرد والجمع في صيغة المُخاطب. وكما هو واضح في اللغة العربية أنَّ الكلام هنا هو بصيغة الجمع. هذا التشبيه المُستعار يُشير إلى جميع المسيحيين في كورنثوس الذين يُكوِّنون هيكل الروح القدس، وبمفهوم روحي يسكن الله في وسطهم.
بالنسبة لبولس، يسكن الله ضِمن الشركة المسيحية؛ وبالتالي، كان تحذيره هو أنَّ أي شخص يُحاول أن يُفسِد هذه الشركة سيُقاسي عواقِب الدَّينونة. إنَّ وحدة المؤمنين هي في جوهر هذه الشَّركة وفي حضور الله في هذا الهيكل. مع أنَّ هذه الآية غالبًا ما تُستخدم بمفهوم العناية بجسم الإنسان (الذي هو بالطبع ما ينبغي على المسيحيين أن يقوموا به على أيَّة حال)، فإنها ليست نقطة تركيز بولس هُنا. فَرِسالته كانت تحذير أولئك الذين سيُفسِدون وِحدة الكنيسة.
في بدايات هذا الأصحاح، أشارَ بولس إلى ما يعتبره كتحدِّيات للوحدة: «فإنَّه إذ فيكم حسد وخصام وإنشقاق» (١كورنثوس ٣: ٣). هذه المواقف والسلوكيات هي تهديدات حقيقية للوحدة المسيحية وتُسبِّب إنسحاب حضور الله مِن هيكله. بكلمات أخرى، يُمكِن للصِّراعات في الكنيسة أن تُفسِد أو تُدمِّر هيكل الله. ولهذا، يرغب بولس من الأعضاء أن يتخلُّوا عن المواقف والسلوكيات التي تُمثِّل تهديدًا لوحدة جماعة المؤمنين والكنيسة.
عندما تندلع الصِّراعات في كنائسنا اليوم، تبقى نصيحة بولس إلى أهل كورنثوس قابِلة للتطبيق: «ولكنني أطلب إليكم أيُّها الإخوة بإسم ربِّنا يسوع المسيح أن تقولوا جميعكم قولًا واحدًا، ولا يكون بينكم إنشقاقات، بل كونوا كاملين في فكرٍ واحدٍ ورأي واحد» (١كورنثوس ١: ١٠).
الحَسَد والصِّراع والإنشقاق ليست مُجرَّد مشاكل واجهتها الكنيسة أيَّام بولس. فنحن نواجهها اليوم أيضًا. ما هو دور كل واحد منَّا للسَّعي في حلِّ هذه المشاكل بطُرُقٍ لا تُمثِّل تهديدًا لوحدتنا؟
الأربعاء ٧ تشرين الثاني (نوفمبر)
جسد المسيح
لعلَّ أكثر الصور التشبيهيَّة للكنيسة والتي تتحدَّث بقوَّة عن الوحدة بين أجزائها المُختلفة هي صورة جسد المسيح: «لأنَّه كما أنَّ الجسد هو واحد وله أعضاء كثيرة، وكل أعضاء الجسد الواحد إذا كانت كثيرة هي جسد واحد، كذلك المسيح أيضًا... وأما أنتم فجسد المسيح وأعضاؤه أفرادًا» (١كورنثوس ١٢: ١٢، ٢٧).
تمامًا كما أنَّ الجسد هو وحدة واحدة يتكوَّن مِن أجزاء كثيرة مُختلفة، وكل جزء له أداءه ومسؤوليته، هكذا هي الكنيسة كجسد المسيح.
اقرأ ١كورنثوس ١٢: ١٢-٢٦. كيف تنطَبِقُ صورة الجسد الواحد هذه وأعضاؤه الكثيرة مع أعضاء كنيستك المحليَّة؟ كيف تنطبق على مُنظمَّة عالميَّة مثل كنيسة الأدفنتست السبتيين؟
إنَّ تعاليم بولس في ١كورنثوس ١٢ تحمل الحقيقة ذات الأهمية القصوى وهي أنَّ الوحدة المسيحية الحقيقية ليست فقط في التَّنوُّع، وليست بالطَّبع رغم التنوُّع، بل بالأحرى مِن خلال التنوُّع. علينا ألاّ نندهِش مِن أنَّ الروح القدس هو مصدر هذه التعبيرات عن التنوُّع. وكما أنَّ جسم الإنسان موحَّد بطريقة مُدهِشة، فهو أيضًا مُدهِش في تنوُّعِه، هكذا أيضًا جسد المسيح المِثالي، الذي مِن خلال هذا التَّنوُّع يُعبِّر عن كمال وغنى جسد المسيح.
هذه الصورة تُخاطبنا مُباشرة ككنيسة. نَمَت كنيسة الأدفنتست السبتيين، خلال العقود القليلة الماضية، بسرعة فائقة. تتألَّف كنيسة الأدفنتست السبتيين مِن شعوب مِن كل الخلفيات، والحضارات، والبيئات. إنَّ إختلافاتنا العِرْقيَّة، والعنصرية، والحضاريَّة، والثقافيَّة، والعُمريَّة يجب ألَّا نسمَح لها بتفرقتنا في المسيح. إنَّ هذا التَّنوُّع يجب أن يُشكِّلنا — بواسطة الروح القدس، لنكون قوَّة مِن أجل الوحدة، مُظهِرين الحق بأنَّه على الرَّغم من هذه الإختلافات، فإننا جميعًا واحد في المسيح.
كما رأينا سابقًا، جميعنا سَوَاسِية تحت قدمي الصليب، بِغَضِّ النظر عمَّن نكون أو مِن أين أتينا. وبينما يزداد العالم مِن حولنا إنقسامًا وإنشطارًا، يجب على الكنيسة أن تُظْهِرَ بأنَّ الوحدة رغم التنوُّع يُمكِن تحقيقها. يستطيع شعب الله أن يُظهِر قوَّة الإنجيل في الشِّفاء والمُصالَحة.
العجيب أنَّ بولس يُخبرنا كيف يُمكِن تحقيق هذه المثالية: «المسيح أيضًا هو رأس الكنيسة، وهو مُخلِّص الجسد» (أفسس ٥: ٢٣). «وهو رأس الجسد: الكنيسة» (كولوسي ١: ١٨). وكما أنَّ كل مؤمن يتَّصل روحيًا بالمسيح، فبالتالي، الجسد كله يتغذَّى مِن نفس الطعام. فلا يمكننا إذًا إلا أن نؤكِّد على الأهميَّة القصوى لدراسة كلمة الله، والطاعة لما تُعلِّمنا إيَّاه الكلمة، والإختبار العام للعبادة والصلاة مِن أجل الوحدة في جسد المسيح.
الخميس ٨ تشرين الثاني (نوفمبر)
الخِراف والرَّاعي
اقرأ إنجيل يوحنَّا ١٠: ١-١١. ما هي الجوانب التي يتحدَّث عنها تشبيه الكنيسة هنا، بحظيرة الخِراف، عن الوحدة؟ (انظر أيضًا مزمور ٢٣).
في المُدُن الكُبرى في العالم الحديث، أصبح مِن النادر جدًّا رؤية تربية الحيوانات مِن أي نوع كانت. غالبية الناس يعرفون القليل عن العلاقة بين الخراف والرَّاعي. ولكن، عندما رَوَى يسوع هذا المثل، فَهِمَهُ الناس جيِّدًا. عندما قال: «أنا هو الرَّاعي الصالح» أدركوا حالًا وقدَّروا إشارته إلى مزمور ٢٣: ١، «الرَّبُّ راعيَّ». لم تكن تلك الصورة واضحة فقط بل كانت أيضًا مُعبَّأة بقيمة عاطفية جعلتها تبدو حيَّة ومُشرقة. عُرِفَ الرُّعاة في الشرق الأدنى القديم، وما زالوا في الشرق الأوسط اليوم، عُرِفوا بتفانيهم في عنايتهم بخرافهم على الرَّغم من التَّحدِّيات. وأصبحت شخصية الرَّاعي إحدى أحَب التَّشبيهات المُستَخدمة في الكِتاب المقدَّس لِوَصف الله وعلاقته بشعبه.
إنَّ صورة شعب الله كخراف هي صورة مُثيرة للاهتمام. أوَّل إنطباع نشعر به تجاه الخِراف هو أنَّها غير مُؤذية ومُسالِمة الطَّبع. ولذلك، فهي تعتمد على راعٍ جيِّد وصالِح لحمايتها وإرشادها. وبصراحة، يُنظَر إلى الخراف كحيوانات غبيَّة. أحيانًا، تضلُّ الخراف طريقها، دون قصد، ويسعى الرَّاعي وراءها ويُعيدها إلى الحظيرة. وغالبًا ما تحتاج الخِراف الصغيرة إلى مَن يحملها كما أنَّها تحتاج إلى عِناية خاصَّة. إنَّ رعاية الخراف تتطلَّب الصَّبر والعناية والتَّفهُّم. إنَّ هذه صورة مثالية تُمثِّل الكنيسة في كثير من النَّواحي. ليس لأيِّ عُضوٍ في الكنيسة أن يخاف مِن شيء، بل له هو الرابح في علاقته مع الرَّاعي.
أكَّد يسوع أيضًا في هذا المثل على أهميَّة أن تستمع الخِراف إلى صوت الرَّاعي. مِن الممكن حماية عدد مِن قطعان الخراف، إذا إقتضت الضرورة، عن طريق ضَمِّهم في سياج أو حظيرة واحدة. ولكن، كيف يمكن فصلهم لاحقًا؟ كل ما هو مطلوب هو أن يقف الرَّاعي عند باب السِّياج أو الحظيرة ويُنادي خرافه. ستعرف خرافه صوته وتأتي إليه. «ومتى أخرج خرافه الخاصَّة، يذهب أمامها، والخراف تتبعه، لأنها تعرف صوته» (إنجيل يوحنا ١٠: ٤). إنَّ الإستماع إلى صوت الرَّاعي أمر أساسي بالنسبة للكنيسة. وحقيقة الأمر، هو أنَّ وحدة وسلامة شعب الله تعتمد على قُربهم منه وتتَّصل مُباشرة بطاعتهم وخضوعهم لصوته.
بصورة عامَّة، لا يُحِبّ الناس أن يتم تشبيههم بالخِراف. ومع ذلك، لماذا يعتبر هذا التشبيه مُناسب جدًا بالنسبة لنا؟ ما الذي يجب أن تخبرنا به هذه الصورة عن حاجتنا إلى راعٍ وعن حاجتنا إلى أن نطيع صوته؟
الجمعة ٩ تشرين الثاني (نوفمبر)
لمزيد من الدرس: قراءات من كتب إلن هوايت — «الرَّاعي الإلهي»، من كتاب ‹مشتهى الأجيال›، صفحة ٤٥٢-٤٥٨.
«في سياق الحديث عن الهيكل في أورشليم كما الهياكل الرومانية واليونانية، يستخدم كُتَّاب العهد الجديد تشبيه الهيكل لِيُساعِدوا المؤمنين على أن يتصوَّروا ويروا قُدسِيَّة الكنيسة، ودور الله في تأسيس الكنيسة وإزدهارها ونموِّها، وطبيعة عمل المسيح والروح القدس، وتماسك وتضامُن المؤمنين داخل الكنيسة. صورة البناء توحي بالجمود والثَّبات. ولكن، التشبيه يُستَخدم مُقترنًا بتشبيه عضوي، وعملية البناء غالبًا ما تبرز. فبدلًا مِن صورة جامِدة، ‹نحن مدعوون لرؤية قصة عن عملية البناء، بدلًا من رؤية بناءٍ أو صَرحٍ مُكتَمِل›. لقد مُنِحَت الكنيسة الإمتياز العجيب للإعتراف بكل تواضع مِن خلال حياتها وقصتها بـ «هيكل الله الحي» (٢كورنثوس ٦: ١٦). (جون مكفاي،
«Biblical Metaphors for the Church: Building Blocks for Ecclesiology»، صفحة ٥٢).
أسئلة للنقاش:
١. تأمَّل في الصور والتَّشابيه التي يُقدِّمها الكتاب المقدس عن الكنيسة. أي صورة منها تُفضلها عن الأخريات؟ لماذا تجذبك تلك الصورة أكثر من غيرها؟ يمكنك أن تجد صورًا وتشابيه أخرى عن الكنيسة في الفقرات التالية: ١تيموثاوس ٣: ١٥؛ ٢تيموثاوس ٢: ٣-٥؛ ١بطرس ٢: ٩. ما الذي تُعلِّمنا إيَّاه أيضًا هذه الصور والتشابيه عن الكنيسة؟
٢. «يريد الله أن يكون شعبه مُتَّحِدًا في أوثق روابط الشركة المسيحية؛ الثِّقة في إخوتنا حيوية لنجاح الكنيسة؛ وحدة العمل مُهمَّة في وقت الأزمات الدينية. إنَّ خطوة طائشة واحدة، أو عمل إهمالٍ واحد، قد يُغرِق الكنيسة في مصاعب وتجارب قد لا تتعافى منها لسنوات» (هوايت، كتاب Testimonies for the Church، المجلد ٣، صفحة ٤٤٦). ماذا يجب أن نتعلَّمه مِن هذا التحذير حول مدى حرصنا على حماية وحدة الكنيسة؟ أي دور يقع على كل واحد منَّا في هذه المسؤولية المُقدَّسة؟
٣. درس يوم الأحد شدَّد على أنَّه حتى وإن كُنَّا شعب الله، علينا أن نعتمد على نعمة الله فقط للخلاص، وليس على إستحقاقاتنا أبدًا. وفي الحقيقة، ألا يمكنك أن تعتبر أنَّ إعتمادنا على إستحقاقات الله للخلاص هو الذي يجعلنا حقًا شعبًا الله؟ هل هذا الإدِّعاء صحيح أم لا؟
مُلخَّص: يستخدم العهد الجديد صورًا وتشابيه مختلفة ليوضح طبيعة ورسالة الكنيسة. والأهم من ذلك، تُعلِّمنا هذه التشبيهات أنَّ الله يُراعي شعبه بإهتمام ويحميهم. هذه الصور تُعلِّمنا أيضًا أنَّ شعب الله مُرتبطون إرتباطًا وثيقًا مع بعضهم البعض، وأننا بحاجة إلى بعضنا البعض لتأدية العمل الذي دُعينا للقيام به.
الدرس السابع ١٠-١٦ تشرين الثاني (نوفمبر)
عندما تنشأ النِّزاعات
السبت بعد الظهر
المراجع الأسبوعية: أعمال الرسل ٦: ١-٦؛ أعمال الرسل ١٠: ١-٢٣؛ إنجيل متى ٥: ١٧-٢٠؛ أعمال الرسل ١١: ٣-٢٤؛ أعمال الرسل ١٥: ١-٢٢؛ عاموس ٩: ١١.
آية الحفظ: «لأنَّ كلكم الذين إعتمدتم بالمسيح، قد لبستم المسيح: ليس يهودي ولا يوناني. ليس عبد ولا حُر. ليس ذكَر وأنثى، لأنَّكم جميعًا واحد في المسيح يسوع» (غلاطية ٣: ٢٧، ٢٨).
أحد أصعب المهام لأي مجتمع مسيحي هو الحفاظ على الوحدة عندما تنشأ الخِلافات في الآراء على أمور تتعلَّق بهويَّة ورسالة الكنيسة. هذه الخلافات يمكنها أن تقود إلى عواقِب مُدمِّرة.
المُجتمعات المسيحية اليوم لا تختلف عن تلك التي نراها في العهد الجديد. فالناس هم الناس، والإختلافات، حتى على الأمور الهامَّة ستأتي بالتأكيد. واجه المسيحيون الأوائِل بعض النِّزاعات الناشئة عن الشعور بالتَّعصُّب من علاقات الناس بعضهم ببعض، ومِن اختلافات خطيرة في تفسير قصص العهد القديم الأساسية وممارساته. كان يُمكِن لهذه الصِّراعات أن تُدمِّر الكنيسة في مَهْدِها لو لم يكن للمفكرين مِن الرُّسل والقادة الذين سعوا للحصول على إرشاد الروح القدس والأسفار المُقدَّسة في حل هذه التَّوتُّرات.
درسنا قبل أسابيع قليلة كيف إختبرت الكنيسة الأولى الوحدة الكنسيَّة. سوف ننظر هذا الأسبوع إلى الكيفيَّة التي حلَّت بها الكنيسة الأولى صراعاتها التي أعاقت وحدتها وشكَّلت تهديدًا لوجودها. ماذا كانت تلك الصِّراعات، كيف تمَّ حلَّها، وما الذي يُمكِننا أن نتعلَّمه اليوم مِن تلك الإختبارات؟
* نرجو التَّعمُّق في موضوع هذا الدرس، استعدادًا لِمُناقَشته يوم السبت القادم الموافق ١٧ تشرين الثاني (نوفمبر).
الأحد ١١ تشرين الثاني (نوفمبر)
التَّعصُّب العِرقي
اقرأ أعمال الرسل ٦: ١. ما هو الأمر الذي قاد الناس في الكنيسة الأولى إلى أن يشتكوا مِن توزيع الطعام العادل والمتساوي بالنسبة للأرامل؟
يبدو بأنَّ بعض المسيحيين الأوائل كانوا مُنحازين ضِد الأرامل مِن الأصول اليونانية وقدَّموا لهُنَّ كميَّة أقل مِن الطعام الذي كانوا يُقدِّمونه للأرامل مِن الأصول اليهوديَّة. هذا التَّحيُّز سبَّب إنقسامًا في المُجتمع الأوَّل للمؤمنين. سواء كان ذلك التَّحيُّز حقيقيًا أم لا، لا يذكر لنا الكتاب المقدس شيئًا عن ذلك. كل ما يقوله لنا هو أنَّ بعض الناس كانوا يعتقدون أنَّ ذلك كان حقيقيًا بالفعل. هدَّد هذا الصِّراع وحدة الكنيسة في عصر مُبكر جدًا. كم هو مُدهِش أنَّ ذلك الإنقسام العِرقي ظهر بتلك السرعة في الكنيسة.
اقرأ أعمال الرسل ٦: ٢-٦. ما هي الخطوات البسيطة التي إتَّخذتها الكنيسة الأولى لحلِّ سوء التَّفاهم هذا؟
كانت الكنيسة الأولى تنمو وتزدهر بسرعة، وهذا النَّمو جَلَبَ المزيد مِن الأعباء الثقيلة على الرُّسل. وتعيين هؤلاء الرِّجال السبعة، الذين يُطلق عليهم عادة إسم الشَّمامِسة (مع أنَّ العهد الجديد لا يدعوهم بهذا الإسم)، خفَّف مِن الأعباء والتَّوتُّر في كنيسة أورشليم، وأتاح ضم آخرين للخدمة في الكنيسة.
إستمع الرُّسل إلى شكاوى المؤمنين المُتحدِّثين باليونانية بكل إهتمام، وطلبوا منهم التَّقدُّم بِحَلّ. وقد تُرِكَ إختيار الرِّجال السبعة ليُصبِحوا مُساعدين للرُّسل، واختاروا سبعة تلاميذ جميعهم مِن المُتحدِّثين باليونانية. وكان مشهودًا لهؤلاء الرِّجال بأنَّهم «مملوئين مِن الروح القدس وحِكمة» (أعمال الرسل ٦: ٣). كانت خدمة الرُّسل إلى ذلك الوقت تشمل: الكِرازة بكلمة الله وتوزيع الطَّعام للأرامل، التي قُسِّمَت إلى مجموعتين، كل مجموعة تقوم بخدمة، على نفس المُستوى من الأهميَّة، لنشر الإنجيل. يستخدم لوقا نفس هذه الكلمة «الخِدْمَة» للإشارة إلى كُلٍّ مِن خِدمة الرُّسل في إعلان الكلمة والبِشارة (أعمال الرسل ٦: ٤) وإلى خِدْمَة الشَّمامِسة في توزيع الطعام (أعمال الرسل ٦: ١).
ما هو المغزى الذي تراه في حقيقة دعوة القادة لِكثير من المؤمنين (أعمال الرسل ٦: ٢) لِمُحاولة إيجاد حل؟
الاثنين ١٢ تشرين الثاني (نوفمبر)
إهتداء الأمم
إنَّ إهتداء الأمم إلى إنجيل يسوع المسيح هو حَدَث ورد في سفر أعمال الرسل ليعدّ العدَّة لأعظم صِراع في حياة الكنيسة الأولى، حَدَثْ كان يُمكِن أن يُهدِّد وجودها ومُرسلِيَّتها.
اقرأ أعمال الرُّسل ١٠: ١-٢٣. ما هي العوامل الواردة في هذه الفقرة والتي تدلُّ على أنَّ الروح القدس كان يعمل في قلوب أناسٍ كثيرين لإعداد الطريق للأمم لقبول الإنجيل؟
يبدو أنَّ الرؤيا كانت غريبة وعجيبة جدًا بالنسبة إلى بطرس. لقد كانت بمثابة صَدْمَة له لأنه، كيهودي مؤمِن، لم يأكل قط أيَّ طعام نجس أو دَنِس حسب مطالِب الناموس (أنظر لاويين ١١؛ حزقيال ٤: ١٤؛ دانيال ١: ٨). غير أنَّ القصد مِن هذه الرؤيا لم يخصُّ الطعام بل الحواجز بين اليهود والأمم التي كانت تُعيق نشر الإنجيل. مثل تلك الحواجز كانت مُنتشرة في العالم القديم وما زالت حتى يوم هذا.
في العقود الأولى، كانت المسيحية تتألَّف مِن اليهود الذين قَبِلوا يسوع كالمسيَّا الموعود به وفقًا لنبوَّات العهد القديم. كان أولئك المؤمنون الأوائل يهودًا أمناء، أطاعوا الناموس الذي تعلَّموه. لم يعتبروا أنَّ إنجيل يسوع المسيح قد أبطل أو محى العهد القديم (انظر إنجيل متى ٥: ١٧-٢٠).
اقرأ أعمال الرسل ١٠: ٢٨، ٢٩، ٣٤، ٣٥. وفقًا لفهم بطرس، ما الذي كانت تعنيه الرؤيا التي استلمها في يافا؟ ما الذي قاده إلى هذا التفسير؟
الذي نراه يحدث هُنا في سفر أعمال الرسل هو أنَّ الروح القدس كان قد مهَّد الطريق للأمم حتى يتم قبولُهُم في شركة المجتمع المسيحي. ويُمكِنهم أن يقوموا بذلك دون أن يتوجَّب عليهم أن يختتنوا ويُصبحوا يهودًا أوَّلًا. إنَّ الأمر الذي أقْنَعَ بطرس وزملاؤه أنَّ هذه كانت حقًّا هي إرادة الله هو إنسكاب الروح القدس على كورنيليوس وأهل بيته بطريقة مُشابهة لِمَا إختبره تلاميذ المسيح في يوم الخمسين (أعمال الرسل ١٠: ٤٤-٤٧). إذا كان للروح القدس أن يُعطى للأمم بنفس الطريقة التي اُعطي بها لليهود، فَمِن الواضِح بأنَّ الخِتان لم يكن مطلبًا مُسبقًا ليُصبح الشخص مؤمنًا بيسوع المسيح كالمسيِّا. هذه الخلاصة فتحت المجال أمام نِزاعات لاهوتيَّة كبيرة بين المسيحيين الأوائل.
الثلاثاء ١٣ تشرين الثاني (نوفمبر)
الروح يقود
إنَّ التقارير الواردة عمَّا حدث مع كورنيليوس في قيصرية وصلت سريعًا إلى قادة المجتمع المسيحي في أورشليم، وطلبوا مِن بطرس أن يُقدِّم لهم تقريرًا بكل ما حدث. لقد استاؤوا ممَّا فعله بطرس، لأنَّه وحسب مفهومِهم اليهودي لناموس موسى، لم يُسمَح لليهود الأمناء أن يأكلوا مع الأمم (أعمال الرسل ١١: ٣).
اقرأ أعمال الرسل ١١: ٤-١٨. ما الذي قاله بطرس لِيَشرَح عَمَل الروح القدس وقيادته في هذا الحَدَث؟ ما هو الموضوع الرئيسي الذي هَدَفَ إليه من خلال سرده ما حدث؟
مع أنَّ البعض طرحوا أسئلة حول شرعيَّة ما قام به بولس مِن أعمال وقراره في تعميد هؤلاء الأمميين، كان هناك ما يكفي من الشهود (أعمال الرسل ١١: ١٢) ليشهدوا بأنَّ الروح القدس قد أعلن بالفعل عن حضوره بنفس الطريقة كما حدث في يوم الخمسين. إنَّ قيادة وإرشاد الروح القدس في هذه الحالة لا جِدال فيه، وقد اعترفوا بعطيَّة الروح القدس: «فلمَّا سَمِعوا ذلك سكتوا، وكانوا يُمجِّدون الله قائلين: إذًا أعطى الله الأمم أيضًا التَّوبة للحياة!» (أعمال الرسل ١١: ١٨).
اقرأ أعمال الرسل ١١: ١٩-٢٤. ما الذي حدث بعد ذلك في حياة الكنيسة الأولى؟
ربما إعتقد البعض في أورشليم بأنَّ ما حدث مع كورنيليوس وأهل بيته كان إستثناءًا، وأنَّ مثل هذا الإختبار لن يتكرر. ولكنَّ ذلك لم يكن قصد الروح القدس. فعندما تفرَّق تلاميذ يسوع إلى خارج أورشليم واليهودية، جرَّاء الإضطهاد الذي نشب بعد موت إستِفانوس (أعمال الرسل ٨: ١)، وذهبوا إلى السَّامرة وفينيقيَّة وقبرص وأنطاكيا، فمن ثم ازداد عدد المؤمنين من الأمم كثيرًا جدًا، وقبلوا يسوع المسيح مُخلِّصًا شخصيًا لهم. هذا ما تنبَّأ عنه يسوع (أعمال الرسل ١: ٨). بقدر ما كان عجيب تدفُّق الأمم، لو وضعنا أنفسنا مكان أولئك المؤمنين الأوائل من اليهود، لن يكون مِن الصعب علينا أن نرى مقدار عدم تأكدهم وحيرتهم تجاه طريقة ردود أفعالِهم تجاه ما يحدث.
كيف يمكن لنا نحن شخصيًا أن نكون مُتمسِّكين بآرائنا الضَّيقة عن الكنيسة وعن رسالتنا والتي يُمكِن أن تُسبِّب ضررًا لشهادتنا؟
الأربعاء ١٤ تشرين الثاني (نوفمبر)
مجمع أورشليم
إقرأ أعمال الرسل ١٥: ١، ٢؛ غلاطية ٢: ١١-١٤. ما هما الأمران اللذان تسبَّبا في نزاعات خطيرة في الكنيسة الأولى؟
إنَّ تهديد وحدة الكنيسة الذي واجهه المسيحيون الأوائل كان حقيقيًا وصعبًا. إعتقد بعض اليهود المسيحيين أنَّ الخلاص كان مُمكِنًا فقط لأولئك الذين ينتمون لِشَعب عهد الله، وهذا يعني أنَّ الختان كان مطلبًا ضروريًا. وكجزء مِن إسلوب حياة أمينة ومُخلِصة، آمَن هؤلاء المؤمنين من اليهود بأنَّ عليهم أن يتجنَّبوا أيَّ إتِّصال لهم بالأمم، إذ قد يكون ذلك سببًا في إعاقة خَلاصهم.
كان لليهود تقاليدهم الصَّارِمة بخصوص عشرتهم وتعاملاتهم مع الأمم. وسريعًا ما أصبحت هذه التقاليد حجر عثرة في طريق المجتمع المسيحي الجديد عندما بدأ الرُّسل في إعلان البِشارة إلى الأمم الذين رغبوا أن يُصبحوا أتباعًا للمسيح. ولأنَّ المسيَّا هو مُخلِّص شعب عهد الله، كما جاء في نبوَّات العهد القديم، ألم يكن على الأمم أن يصيروا يهودًا أوّلًا، وبعد ذلك يتبعوا نفس شرائِع العهد إذا أرادوا أن يخلصوا؟
اقرأ أعمال الرسل ١٥: ٣-٢٢. ما هي بعض الأمور والمواضيع التي تمَّت مُناقشتها خلال مجمع أورشليم؟
الأمر هُنا كان مُتأصِّلًا في نِزاعات حول تفسيرات للعهد القديم — تمسَّكوا بها بِعُمق، عن الختان والعلاقات مع الأمم. وإذ اجتمع الرُّسل، والشيوخ، والمندوبون مِن أنطاكية معًا، يبدو بأنَّ النِّقاشات استمرَّت لوقتٍ طويل دون أيَّة حلول.
عند ذلك الوقت، ألقى بطرس، وبرنابا، وبولس خطابات. ألمَح خِطاب بطرس إلى الرؤيا المنظورة التي أعطاه الله إيَّاها وإلى هِبة الروح القدس الذي فتح الطريق أمام المُرسلية إلى الأمم. بعد ذلك، شارك بولس وبرنابا قصصهما عمَّا فعله الله مِن خلالهما للأمم. ونتيجة لذلك، فُتِحَت أعيُن كثيرة للحق الجديد. قال بطرس: «ولكن بنعمة الرب يسوع المسيح نؤمن أن نخلص كما أولئك أيضًا»، يقصد الأمم (أعمال الرسل ١٥: ١١). قرونٌ طويلة مِن التقاليد التي كانوا يتشبَّثون بها انحلَّت في ضوء الإنجيل.
هل حَدَثَ لك في يومٍ ما أن غيَّرت فِكْرَك عن مُعتَقَدٍ كُنتَ تتمسَّك به بعُمق؟ ما الذي تعلَّمته مِن تلك التجربة يمكن أن يُساعدك حينما تحتاج أن تُراجع مفهومك حول مُعْتَقَدٍ ما؟
الخميس ١٥ تشرين الثاني (نوفمبر)
حلٌّ صعب
تطلَّب الأمر قدرًا مِن الثِّقة مِن جانب كنيسة أنطاكية لِتُرسل مُمَثِّلين إلى أورشليم كي تسعى للوصول إلى أفضل حَلٍّ للنزاع. ولكن، بعد ساعات من النِّقاش بين الرُّسل والشيوخ، قام يعقوب أخو يسوع، والذي يبدو بأنَّه كان رئيس الإجتماع، فأصدر حُكمًا لِمَا يتوجَّب فِعْلُه (أعمال الرسل ١٥: ١٣-٢٠). من الواضِح بأنَّ المجمع قد قرَّر أنَّه لا يتوجَّب على المؤمنين من الأمم أن يُصبِحوا يهودًا، خاضعين لكل نواحي الشَّرائع الطقسية، ومن بينها الختان، حتى يصيروا مسيحيين.
اقرأ عاموس ٩: ١١، ١٢؛ إرميا ١٢: ١٤-١٦. ما هي النبوات التي تنبَّأ بها أنبياء العهد القديم بخصوص الأمم المُجاوِرة لإسرائيل؟
بينما يقتبس يعقوب مِن عاموس الأصحاح التاسع، نرى تلميحًا لخلاص الأمم في نبوات أنبياء آخرين في العهد القديم. كان قصد الله، على الدَّوام، خلاص العالم أجمع مِن خلال شهادة إسرائيل وإختبارهم. في الحقيقة، كانت دعوة الله لإبراهيم قد تضمَّنت بركة لكل الأمم مِن خلاله ومِن خلال نسله (تكوين ١٢: ١-٣). إنَّ قيادة الروح القدس؛ وخدمة بطرس، وبرنابا، وبولس بين الأمم؛ وتجدُّد واهتداء الكثير من الأمم كانت براهين لا يُمكِن تجاهلها. هذه الشهادات ساعدت قادة المجتمع المسيحي في أورشليم لأن يُدرِكوا بأنَّ الكثير مِن نبوات العهد القديم كانت تتحقَّق الآن. في الحقيقة، أعطى الله قوانينًا تُنظِّم وجود الأمم في إسرائيل بالإضافة إلى ضوابِط وقيود تنطبق عليهم (لاويين ١٧، ١٨). أشار يعقوب أيضًا إلى تلك القوانين والشرائع في قراره (أعمال الرسل ١٥: ٢٩). أصبح مِن الواضح للجميع أنَّ الله كان يدعو الأمم لينضمُّوا إلى شعبه ولينالوا الخلاص بيسوع المسيح. إنَّ إرشاد الروح القدس منحهم فهمًا أعمق للأسفار المقدَّسة وأظهر لهم حقائق أساسية لم يروها مِن قبل.
تُخبرنا الآيات في أعمال الرسل ١٥: ٣٠-٣٥ عن تجاوب المؤمنين في أنطاكية لِما تمَّ تقريره في أورشليم: «فرحوا لسبب التعزية» (أعمال الرسل ١٥: ٣١).
نرى هُنا في سفر أعمال الرسل مثالًا قويًا كيف أنَّ الكنيسة الأولى، مِن خلال الخضوع لكلمة الله، والثَّبات في المحبَّة، والوحدة، والثِّقة، إستطاعت تحت إرشاد الروح القدس أن تتجنَّب ما كان يُمكِن أن يكون كارثة كُبرى لوحدتها.
ما الذي تُعلِّمنا إيَّاه هذه القصة عن مدى أهميَّة أن لا نكون مُستمعين فقط لِمَا يقوله الآخرون بل أن نعتَبِر أنَّهم قد يكونون على حق، حتى وإن كان ما يقولونه ليس هو ما نودُّ أن نسمعه تمامًا؟
الجمعة ١٦ تشرين الثاني (نوفمبر)
لمزيد مِن الدرس: قراءات مِن كتب إلن هوايت «رجل يبحث عن الحق»، صفحة ١٠٨-١١٧؛ «اليهود والأمم»، صفحة ١٥٦-١٦٧، مِن كتاب ‹أعمال الرسل›.
«وقد كان المجمع الذي أصدر حُكمه في هذه القضيَّة مُكوَّنًا مِن الرُّسل والمُعلِّمين الذين كان لهم الفضل في إقامة الكنائس المسيحية مِن اليهود والأمم، ومعهم مندوبون من أماكن مُختلفة. فقد كان حاضرًا في ذلك المجمع شيوخ من أورشليم ومندوبون مِن أنطاكية، وكانت أعظم الكنائس نفوذًا مُمثَّلة في المجمع. وكان المجمع يسير في أعماله بموجب الحُكم النيِّر وعظمة الكنيسة التي أقامتها إرادة الله. وكان مِن نتائج مداولاتهم أنَّهم رأوا أنَّ الله نفسه قد أجاب عن تلك المسألة التي كانت مطروحة للبحث بكونه أعطى الروح القدس للأمم، فتحققوا أنَّ عملهم هو أن يتبعوا إرشاد الروح.
لم يدع كل أعضاء الكنائس المسيحية ليبدوا رأيهم في تلك القضية. ولكن «الرسل والمشايخ»، الرجال ذوي النفوذ والحكم الصائِب هم الذين صاغوا ذلك الحُكم وبَعثوا به، ولذلك فقد أجمَعَت الكنائس المسيحية على قبوله. ومع ذلك فلم يكن الجميع راضين عن هذا الحُكم، فلقد كان هنالك حزب مِن بعض الإخوة ذوي الطموح الذين كانوا واثقين بأنفسهم، حيث لم يوافقوا عليه. هؤلاء القوم إدَّعوا بأنَّهم إنَّما يقومون بالعمل على مسؤوليتهم. وقد أمعنوا في التَّذمُّر والكشف عن أخطاء الآخرين، وكانوا يقترحون خططًا جديدة ويحاولون هدم عمل الرجال الذين قد أقامهم الله ليُعلِّموا الناس رسالة الإنجيل. لقد كان على الكنيسة أن تُواجه مثل هذه العقبات من البداية، وسيظل الحال هكذا إلى إنقضاء الدَّهر» (هوايت، كتاب ‹أعمال الرسل›، صفحة ١٦٣-١٦٤).
أسئلة للنقاش
١. ما هي الخطوات في إتِّجاه حل النِّزاعات وجدناها في الفقرات التي درسناها هذا الأسبوع يُمكِن أن تنطبق على مجتمع كنيستك إذا نشأت أو عندما تنشأ الخلافات؟ مع أنَّ قضية واحدة تناولتها الكنيسة هُنا كانت تهتم بالجانب اللاهوتي، ماذا يُمكننا أن نتعلَّم مِنها ومن الأحداث المذكورة يمكن أن يُساعد الكنيسة عندما نواجه تهديدات حضاريَّة أو سياسيَّة أو عِرقِيَّة تُهدِّد وحدتنا؟ أيَّة مباديء هامَّة يمكننا أن نتبنَّاها ونأخذها مما رأيناه؟
٢. إقرأ الإقتباس أعلاه مِن إلن هوايت. بالرغم من النتائج الإيجابية، كان البعض غير راضين. أيَّ درس يجب علينا أن نأخذه مِن هذه الحقيقة المؤلِمة؟
مُلخَّص: كانت الكنيسة الأولى مُهدَّدة بواسطة نزاعات داخلية حول بعض القضايا التي كان يمكن أن يكون لها تأثيرًا مُدمِّرًا عليها. لقد رأينا الطريق الذي أمكن للكنيسة الأولى، تحت إرشاد الروح القدس والخضوع لكلمة الله، أن تَحِلَّ به هذه النزاعات وتتجنَّب الإنشقاقات.
الدرس الثامن ١٧-٢٣ تشرين الثاني (نوفمبر)